الاثنين، 9 فبراير 2009

رؤية خاصة







منذ الخطوة الأولى لقدم الإنسان على أرض الحياة يصبح الخطو هو وسيلة هذا الإنسان لاكتشاف
الحياة ومعرفة سبلها وشعابها ... وقد تقودنا الخطى إلى أماكن مجهولة أو محفوفة بالمخاطر ولانتوقف ... لأن البداية هي التي تحدد النهاية ... وخلال المسيرة نتعرف على خطى الآخرين من سبقونا ومن يسيرون معنا في نفس الدرب ... ونسمع أو نطلع على أخبار من ساروا في دروب أخرى .... ونواصل الخطى حتى نهاية الدرب ... خطانا تسابق الآخرين أو تلاحقهم أو تتوازى مع تلك الخطى ......... والدرب فسيح ...فسيح يتسع لكل السائرين ....ونحن لانسير فقط بل نتلاقى ونتبادل الفكر والرؤى ونستمع إلى تجارب الآخرين .... ونتعلم كيف نحذر هذا الدرب أو نتجنب ذاك .... ورؤانا تخفف عنا مؤونة السفر الطويل على طريق الحياة المتعرج ... وتبعد عنا وعورة هذا الطريق ...وتعيننا على اجتيازه بسهولة ودون مشقة كبيرة .
ولكل سائر رؤياه ونظرته ومؤونته الخاصة من الأفكار والتجارب والخبرات ... وهي رؤى ثمينة وقد تقينا الكثير من الجهد والعناء .... فنحن لانستطيع أن نجرب كل شيء ...ولانقدر على مواجهة كل أخطار الحياة ومشاكلها وحدنا دون عون أو سند .... ومن هناتكون أهمية تبادل الأفكار والخبرات والتصورات ... ولكي يتم استيعاب أفكار الآخرين من العابرين درب الحياة مثلنا لابد من التفاهم والإنسجام وقبول الفكر الآخر الذي يختلف عن فكرنا ...
ومن أجل تكوين رؤية عامة سليمة لابد من عرض الأفكار والرؤى المتعددة بحرية ودون ضغوط من أي جهة كانت .ولابد أن نتعلم كيف نكوِّن آراءنا وندعمها ونتبناها بشكل منطقي وواعٍِ .
علينا أن نتعلم كيف نبني رؤانا على أسس صحيحة ومتينة .. لاعلى أفكار نلتقطها ونتبناها دون وعي منا ... أونؤسسها بناءً على متوارثات قد تكون غير سليمة ورثناها كما هي دون تمحيص أو تهذيب .
حين نعلن عن رؤانا يهمنا معرفة رأي الآخرين ...نطلقهاوننتظر ردود الآخرين عليها ...
نطلق أفكارنا ونتأمل رؤى الآخرين ونقارنها بما لدينا من رؤى.... وقد يدهشنا أن تختلف رؤاهم ونظرتهم للأمور العامة عن نظرتنا ..... أو قد يغضبنا ذلك أحيانا إن اصدمت أفكارنا بأفكارهم ......ونتوقف أحيانا لنتساءل لم يرون الأمور بشكل مختلف عنا ...ولمَ رؤاهم مختلفة عن رؤيتنا نحن لحدث بعينه ...!...
فهل اختلاف وجهات النظر تحقق شيئا أم أنها تسبب الخلاف وتوسع نقاط الإختلاف !...
مما لاشك فيه أنه بين رؤى الآخرين للأمور وبين رؤانا الخاصة يحدث غالبا شيء ما... إما تطابق في الآراء أو اختلاف جزئي أو كامل .. !....... والتوافق والتقارب في الآراء شيء جميل جدا.... ولكن الإختلاف لابد منه لأننا كبشر خُلقنا مختلفين في أشكالنا وتركيباتنا وعقولنا وأفهامنا ...فلا عجب أن يكون هناك اختلاف في رؤيتنا للأمور وبالتالي اختلاف الأفكار ....
الإختلاف في الواقع مفيد لتحريك وجهات النظر والوصول إلى مستوى أفضل بالنسبة للأفكار والرؤى....ولكن أحيانا قد يكون الإختلاف كبيراأوعميقا .... وهنا تحدث الإصطدامات والتوترات .... بل تحدث الصراعات بأنواعها فضلا عن قيام الحروب المهلكة.
كل ذلك يمكن أن يحدث بسبب اختلاف وجهات النظر بين الناس .
يقال أن الإختلاف يجب أن لايفسد للود قضية .... ولكنه مع الأسف الشديد يفسد ويفسد ويفسد في عالمنا هذا ...
ومهما قيل عن احترام رأي الآخر ...... عن قبول وجهات النظر المتعددة .... يبقى أن الإنسان غالبا لايتحمس إلا لوجهة نظره ... ولايقبل أو يقتنع إلا برأيه ..... وبالتالي فهو أي ـ هذا الإنسان ـ لايعتقد إلا بصحة مايعتقده وفساد مايعتقده غيره .
كبشر متحضرين نحتاج إلى الثقة بالنفس والمرونة الفكرية لتقبل ونتحمل ونرضى بالفكر الآخر ونناقش آراء الآخرين بفهم ودون حساسيات وعقد نفسية كونتها خلفيات سابقة لكل منا .
الذي يتقبل رأي الآخرين مهما كان مختلفا لابد أن يكون وصل إلى مرحلة عالية من النضج الفكري والسمو الإنساني .. واكتسب نظرة واسعة وبعيدة المدى للأمور المختلفة .وتكونت لديه ذهنية متسامحة خالية من التشنج والتعصب الفكري بأنواعه .
من الواضح أن المرء يستطيع أن يكسب ود الآخرين إذا ماتفهم وجهة نظرهم المختلفة وتقبلها رغم الإختلاف ..وبذلك يضمن تفهمهم لفكره وتقبلهم لمافيه من اختلاف .
تقبلنا للإختلاف الفكري وتسامحنا مع هذا الإختلاف وقبولنا له كضرورة إنسانية لايمنع بالطبع أن يكون لكل منا رؤاه الخاصة به ..... فأفكارنا هي ما يميزنا عن غيرنا ..... ولكل وجهة نظر قيمتها المتفردة لأنها تدل على أن هناك حركة فكر وراءها .

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية