الخميس، 22 سبتمبر 2011

الرواية المحليَّة والنقد والنقاد

نحن نفتقد الخبرة في مجال الرواية ... تأخّرنا في هذا المجال فكانت السرعة وكان الإستعجال ... ليس عيبا أن نكتشف عالم الرواية متأخرين .. ولكن العيب هو عدم اهتمامنا بالإستفادة من تجارب الآخرين الذين سبقونا في هذا المجال ..
الناقد المحلي ـ ولدينا مجموعة طيبة من النقاد ـ لايسعى إلى تثبيط همة كتَّاب الرواية بنقده لكتاباتهم ... ولكنه يريد لهؤلاء الكتاب أن يتسلحوا بالمعرفة الروائية ويهتموا بكل مايحيط بالعمل الروائي من بناء وسرد وتصوير وأجواء ووقائع من أجل أنجاز عمل روائي جيد .....
التصحيح الذي يأتي من النقاد الجادين مفيدٌ جدا ؛ فالناقد المنصف يساعد الكاتب على التعرف على مايجهله في فنون الكتابة باعتباره دارساً ومتعمقاً في هذا المجال ولديه رؤية واضحة حول مايجب أن يكون عليه العمل الأدبي الناجح .
تساهل النقَّاد مع الكتاب الجدد ليس في مصلحة هؤلاء الكتاب ... وأعتقد أنَّ النظرة غير المنصفة إلى النقد الأدبي هي التي تسبب الحساسية تجاه النقَّاد ... وهذا مايجعل النقد الموضوعي غير مؤثِّر في كثير من الحالات.
........
بالنسبة تكاثر عدد الروائيات السعوديات .. فأنا سعيدة جدا بوجود كل هؤلاء الكاتبات بعد أن كانت الساحة الأدبية تكاد تخلو منهن ... وهنَّ طبعا يكتبن من واقعهن ومن خلال تجاربهنَّ الخاصة ... والمرأة في مجتمعنا كما نعلم ذات خبرات وتجارب محدودة بحكم انعزالها وعدم مشاركتها في الحراك الإجتماعي بشكل كامل ... لهذا تأتي كتابة الكاتبة السعودية خالية من العمق الذي تولِّده التجارب والتعامل مع الخبرات الإنسانية المختلفة ...
وطبعا لايحقٌّ لأحد أن يحدد للكاتب ـ أو الكاتبة ـ ماينبغي عليه أن يكتبه ،أو يوجه مساراته الأدبيَّة .. لكل كاتبٍ الحق في اختيار مايود طرحه من أفكار وقيَم ورؤى ، ولكن الكاتب الجيد هو الذي يستطيع نقل صورة واقعية عن المجتمع الذي يعيشه .. ولايكتفي فقط بمجرد التقاطات عشوائية من هنا وهناك لشخصيات مضطهدة أو فاسدة أو مضطربة نفسياً ...
الكاتب الجيد لايعتمد على خياله في رسم شخصياتٍ يحمِّلها نظرته الكئيبة أوالمشرقة للواقع المعاش .. وإنما هو يأخذ نماذجه من الشخصيات الموجودة فعلا في مجتمعه ... ومن الطبيعي أن يكون له الحق في التعبير عن رؤيته الخاصة وتصوراته ومايحمله من قيم من خلال شخصياته ، ولكن ليس بالشكل الذي ينمِّط تلك الشخصيات أو يسطِّحها ، أو يجعل منها مجرد دمى في مسرح العرائس يحرِّكها الكاتب من وراء ستار بشكل معين ومدروس .
الروائي مطالبٌ باختيار شخصياته بعناية وصبغها بشيء من ذاته بالقدر الذي يشاء .. ويسقط عليها مايريد من إسقاطات تمثِّل رؤيته الخاصة للأمور.. ولكن لابد من وجود اندماج و تمازجٌ بين صفات الشخصية وسلوكياتها وتحولاتها بما يتناسب وموقعها ودورها في الرواية .. مما يجعل منها شخصية حيَّة تعبِّرعن الشخصية الإنسانيَّة بكل ماتحمله بداخلها من تناقضات وتفاعلات وتوترات ..
أما التركيزعلى الجانب السيِّء من الشخصية أو تصويرها بشكل كاريكاتيري أو مشوَّه فهذا مايفسد العمل الروائي ويقلل من قيمته الأدبية ...
وهذا مايزعج نقاد الرواية عندنا في الرواية المحلية.

شمس المؤيد .ذات حوار

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية