الأربعاء، 5 أكتوبر 2011

هل الرواية وجه الوطن ؟

..
بالنسبة للقول بأن الرواية السعودية هي " وجه الوطن العربي " ... أعترف بأنني أجهل من هو آدم علي .. ولاأعرف السبب الذي دفعه لقول هذا الرأي .... إن كان القصد أن روايتنا أصبحت منتشرة ومشهورة في أنحاء العالم العربي ... فالإنتشار لايعني الجودة بالضرورة ..... فكل ماهو غريب أو مختلف أو ناتئ يظهر في الصورة .... كماأنَّ النغمة النشاز تكون هي أول مايصل إلى السمع بحدة لافتة .. وهذا لايعني أنها مرغوبة أو مفضَّلة لدى السامع .
روايتنا اشتهرت في العالم العربي بسبب ماتحتويه من إثارة وفضح لأسرار مجتمع كان مجهولا ومنغلقا قبل أن يعمل كتابنا وكاتبتنا على هتك أسراره وفضح خفاياه حسب مايقولون ....
أصبحت هناك فكرة عامة عنا في العالم العربي وهي أننا متخصصون في أدب الفضائح ..!
... أي أنه أصبح يشار إلى رواياتنا حين يكون الحديث عن الأدب الفضائحي ... روائي أردني إسمه الياس فركوخ ُسئل مرةعن سبب انتشار الرواية السعودية .. فقال :أن ذلك بسبب تلهف الناس على معرفة العلاقات السرِّية داخل المجتمعات ... وخاصة المغلقة منها ..
ونفى أن يكون مانسب إلى رواية أخيرة له من فضائحية مشابه للفضائحية الموجودة في الرواية السعودية ...... أو أنها رغبة في الإشتهار والرواج كما يفعل أولئك .!....
هنا أيضا كاتب مغربي قال أن معالجته لموضوع الجسد في روايته ليس مشابها لما تنضح به الروايات السعودية من فضائحية .... وإنما يأتي ذلك بشكل متناسب مع ماتطرحه فكرة الرواية ..!

مثل هذا الكلام يدل على أنه أصبح يُضرب بنا المثل حين يأتي الحديث عن أدب الفضائح ... أو أدب " قلة الأدب "....

هذا لايشرِّفنا طبعا ولايمنحنا امتيازا إعلامياً ولاعلاقة له بجودة المنجز الأدبي المحلِّي ..

ولا توجد أي علاقة لإعلامنا ونشاطنا وتميزنا عن غيرنا بموضوع بهذا الإنتشار الكبير الذي حضينا به مؤخرا في العالم العربي في ميدان الرواية .... هذا ماأقصده ...
بالنسبة لسؤالك حول الأصالة والريادة والتأصيل .. أجد أنَّه لاأحد يستطيع أن ينكر أن الجزيرة العربية هي منبع الأدب والشعر الأصيل ... منها انطلقت الخيول بفرسانها تحمل الرسالة السماويَّة الخالدة ، ومعها تراثٌ عريق ونقيٌّ تحمله لغة قوية انتشرت فكوَّنت أمة عربيَّة واحدة تمازجت آدابها ولغاتها وتاريخها في بوتقة واحدة ونشأ عن ذلك مانراه اليوم في عالمنا العربي الشاسع من آداب مختلفة ومتنوعة .. وإن انضوت تحت لواء واحد .
الشعر ديوان العرب كما يقال ... ولكن الشعر في الزمن الجاهلي وماتلاه من عصور خلع عنه العباءة البدوية وارتدى أزياء أخرى بحكم الإختلاط والتزاوج مع الثقافات الأخرى القريبة والبعيدة فكانت الموشحات برقَّتها وعذوبتها ..وكانت قصائد المناطق الأخرى بمافيها من تنوعٍ ونكهاتٍ وألوان متباينة ... حتى وصلنا إلى قصيدة التفعيلة التي سهلت للشاعر درب الشعر العسير .. وقصيدة النثر باستخفافها بكل التقاليد الشعرية القديمة والعروض والأوزان ...
هذا كله لم يقلل من قيمة القصيدة العربية الأصيلة ..ولم يقلل من قيمة أدب الجزيرة ولا من قدر الرواد الأوائل ..
التراث الأصيل بحاجة إلى الإستفادة من آداب الآخرين وعلومهم .. وهذا ماكان
أما أنَّ الإعلام العربي تجاهلنا كثيرا ،وتجاهل أدب الجزيرة العربيَّة فيما احتفى بكل مالايمتُّ " للأدب " بصلة ... فهذا الأمر ليس غريبا عليهم ... هناك داءٌ إسمه "المحليَّة المفرطة" في بعض بلداننا العربيَّة ...

ولكن لندع إعلامهم ونتساءل هل يحتفي إعلامنا نحن حالياً بالأدباء والمثقفين في بلادنا كما يحتفي بأهل الرياضة والتابعين لهم ...!.. وكما يفسح المكان بسخاء لممنتجي ومخرجي المسلسلات وأهل المغنى .. ولجلسات الطرب ووصلات التهريج .. ؟...

ثمَّ هل ذلك الإعلام المحسوب علينا إسماً والذي يتخطى حدود المحليَّة يجعل لمثقفينا ومبدعينا نصيب فيما يعرضه ويقدِّمه.. أم أنه يتعمد الإهتمام بما هو غريب عنا وبعيد عن بيئتنا وثقافتنا وأخلاقياتنا ....؟
كان بوسع هذا الإعلام الذي انشأته أموالنا أن يقوم بالدور الذي لم يقم به غيره .. ولكنه آثر أن يحذو حذو أولئك في تجاهل الداخل من ناحية ، وفي الإحتفاء بكل ماليس له علاقة بالثقافة وأهلها من ناحية أخرى

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية