الأربعاء، 5 أكتوبر 2011

اللغات ودورها في حياة الأمم

اللغة هي وسيلتنا للتواصل والتفاهم كلغة منطوقة أومكتوبة ... وهي وسيلتنا للتعبيرعن مابدواخلنا من أفكار ومشاعر ..
واللغة هي أهم منحة أنعم الله سبحانه وتعالى بها على البشر ... فمنذ أن علَّم الله سبحانه آدم الأسماء كلها ، صارت اللغة هي وسيلة التخاطب والتواصل بين البشر بمختلف أنواعهم .. وحتَّى بعد أن تناسلت اللغة كما تناسل البشر واتسعت وتنوعت وتغيرت بتغير أماكن الناس وتجمعاتهم ... فإنَّ اللغة بقيت هي وسيلة البشر لفهم بعضهم البعض ...
اللغة تصبح جزءا من كيان الإنسان منذ أن يتعلم حروفه الأولى وحتى الممات ....
تمتزج بنا اللغة طوال فترة يقظتنا .. وحتى تفكيرنا يتم بواسطة اللغة .. جرِّب التفكير في شيء ما ،وكن واعياً لعملية التفكير فستجد أن حروف إسم هذا الشيء أومايدل عليه تقفز إلى ذهنك مباشرة .....
فقط أحلامنا الليلية هي التي تخرج من أسرِ اللغة فتكون رموزا لاحروفاٌ ... ربما لأنها لغة اللاوعي ... والوعي لايتعامل بالحروف والكلمات بل بالرموز ....
وقد شغلت علوم اللغة جزءا كبيرا من بحوث العلماء المختصين فوضعوا لها قواعداً وأسساً وأنظمة ... كما انشغل بعض المفكرين بدراسة اللغة أسلوبا وشكلا وبنيةً ... فظهرت مصطلحات مثل البنيوية .. والألسنية .. والتفكيكيَّة الخ .. وهي مصطلحات علمية أدبية فلسفية تعالج قيمة النصوص الأدبية عن طريق دراسة اللغة المكتوبة بها وتشريحها وتحليلها وتفكيكها .....
بل إنَّ اللغة استخدمت كوسيلة علاج بعض المشاكل النفسية .... من ذلك لغة "ميلتون أريكسون " التي هي عبارة عن نماذج لغوية تساعد على التواصل مع اللاشعور وبالتالي التعرف على المشكلات .. والتخلص من الأزمات النفسيَّة .....
ومع أن لغات البشر تغيَّرت وتنوَّعت فإنَّ هناك لغةً شاملةً لم تتغيَّر ...تلك هي لغة الإنسان الأولى ... هي لغة المشاعر ولغة الإنفعالات الإنسانية .... وهذه اللغة مفهومة لدى جميع البشر في كل بقاع الأرض .... تعكسها لغة التعبيرات الجسدية التي تصف الإنفعالات الداخلية عند البشر ... فهم جميعاً يضحكون من المواقف المضحكة .. ويبتسمون حين يكونون سعداء .. وتتساقط دموعهم وتتقلص ملامحهم في حالة الحزن والألم ... يتم ذلك لدى كل البشر بطريقة متشابهة ..
كما أنَّ أبناء البشر يعبِّرون بإشارات اليد وحركات الوجوه عن مشاعرالإستياء والضيق والبهجة والخوف والترقب بشكل واحد ....وحين يعجز التفاهم باللغة تؤدي الإشارات دورها ...
هذه اللغة تسمى" لغة الجسد " وهي لغة مشتركة بين أبناء البشر .. وفي عصرنا هذا أصبحت علماً يُطبَّق في تحليل أنماط الشخصيات ومعرفة نواياها الخفيَّة عن طريق مراقبة الحركات والتصرفات التي تصدر عن الأشخاص دون وعي منهم ...
واللغة المشتركة التي تجمع بين الشعوب الناطقة بها تمنحهم هويَّتها وسماتها ... فيقال "الشعب العربي " ... لجميع الشعوب الناطقة باللغة العربية رغم اختلاف السياسات والأهداف واللهجات بين هذه الشعوب ...
ويقال "الأدب الفرانكفوني " إشارة إلى أدب وثقافة الشعوب التي تنضوي تحت راية الثقافة الفرنسية ... وهكذا ..
ونعرف كلُّنا أن من مبادئ الإحتلال في جميع أنحاء العالم إحلال لغة المحتَلُّ مكان اللغة الأصلية لأهل البلاد المحتَّلة .. فمعرفة لغة الغاصب والتفاهم بها يقرب المسافات بين الغاصب والمغتصب ...!
كما أنَّ إضعاف لغة الشعوب يساهم في إضعاف بنيتهاويسهل إحكام السيطرة عليها ...وذلك بممارسة «مبدأ التبعية الفكرية» التي يسميها عالم الاجتماع ابن خلدون رحمه الله «نِحلة الغالب».
شاعر صَقَلِّيٌ جميل اسمه "أجنازيا بوتينا" طرق هذا الموضوع بأبياتٍ معبِّرةِعثرتُ عليها فأعجبتني ، وتدور حول اللغة حين تُسلب من أصحابها :
وهي من قصيدة رائعة بعنوان: "لغة وحوار" :

ضع شعبًا في السلاسِل
جرِّدهم من مَلابِسهم
سُدَّ أفواهَهم
لكنَّهم ما زالوا أحرارًا
وجَوازات سفرِهم
والموائد التي يأكُلون عليها
والأَسِرَّة التي يَنامُون عليها
لكنَّهم ما زالوا أغنياء
إن الشعب يفتقر ويُستعبَد
عندما يُسلَب اللسان الذي ترَكَه له الأجداد
وعندئذٍ يضيع للأبد
.
إنه يصف الشعوب التي تُحارب في لسانها وتراثها وهما أثمن مالدى أي شعب في أي مكان ..
.
حين قرأتُ هذه الأبيات شعرتُ وكأنَّ هذا الشاعر هو النسخة الإيطاليَّة من الشاعر العراقي الكبيرأحمد مطر .......

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية