الأربعاء، 5 أكتوبر 2011

المثقف المختلف

المثقّف عندنا غائب عن المجتمع بعيد عن مشاكله وهمومه ، وبالتالي لانعرف له دورًا ولانشعر بأنَّ له مهمّة واضحة . في جميع أنحاء العالم يتحرك المثقفُّون من أجل قضايا مجتمعهم الخاصة والعامة .. ويصمت المثقّف في بلادنا ويكتفي بحضور المناسبات والأمسيات الأدبيّة . مثقفونا عادةيتحدثون بما لايفهمه عامةالشعب .. يكتفون بالتخاطب فيما بينهم بلغة أكاديمية خاصّة بهم ... يتفاخرون بقراءات لكبار كتاَّب العالم من أجل إبراز تفوقهم وتميِّزهم ...أو ينزوون بعيدًا عن مشاكل مجتمعهم منشغلين بأمورهم الخاصة .
وبين الإنكفاء على الذّات ، وحضور الأمسيات الأدبيّة، وإشعال الخلافات مع المخالفين في الرأي بين الحين ينشغل المثقفون أوربما يتم إشغالهم ...
يختفون داخل أبراجهم العاجيَّة ويظهر بعضهم بين حين وآخرللإحتجاج على تجاهلهم في الترشيح للمحافل الثقافية، أو للمطالبة بحقوقٍ يعتقدون أنها تخصُّهم دون غيرهم ....

البعض يقول أن المثقف عندنا مغيَّبٌ قصدا وعمدا .. وهناك من يقول أنَّ المثقفون منعزلون برغبتهم لأنهم لايجدون لهم مكانا في المجتمع يناسبهم ... وهم في أحوال عديدة يُجابهون إماَّ برفض أو تجاهل ما يقدمونه .. أوبالحجر على أفكارهم ...أو غير ذلك ، مما يشعرهم بعدم تقدير المجتمع لهم ولإبداعاتهم .

المثقف في جميع الأحوال مطالبٌ بالخرج من قوقعته .. والإختلاط بالمجتمع ، لأنه هو من يستطيع التعبير عن هموم هذا المجتمع وعن مشاكله .. ولاعذر لأي مثقف في الهروب والإنعزال مهما كانت الأسباب والمبررات .

مع ذلك لا بد من القول بأن المثقَّف العربي والمحلِّي بشكل خاص يشعر بالغُبن في مجتمعه ، ويعاني من ضغوط كثيرة وثقيلة ، تجعله يفضل الإنعزال عن المجتمع والإنشغال بهمومه الخاصة .
هذاالمثقف بصمته وابتعاده يبدو وكأنه يقول : مادام لاأحدٌ يريد أن يستمع لي فلماذا أرفع صوتي ؟...
هناك شيء آخر ومهم وهو أن من نطلق عليهم لقب المثقفين ليسوا جميعا ممن يستحقون هذه الصفة ... فالكثير منهم مجرد أدعياء ثقافة لايملكون من الثقافة إلا قشورها .. وهؤلاء هم الذين يشوهون سمعة الثقافة والمثقفين بأفعالهم وغوغائيتهم وتلونهم ونفاقهم ...
وهؤلاء هم من نراهم ونسمع أقوالهم ونتابع خلافاتهم ومعاركهم الشخصيَّة التي لاعلاقة لها بالهمِّ الثقافي ولا بالشأن الإنساني
.
أما المثقفون الحقيقيُّون الذين يهمهم شأن الوطن وتؤلمهم الأوضاع المحيطة بهم ، فإنهم يقبعون هناك بعيدا عن الأنظار والأسماع ...

قد نراهم بين حين وآخر من خلال عمل أدبي جديد.. أونسمعهم يدلون على استحياء برأي في موضوع ما طلب منهم المشاركة برأيهم فيه ..
هذا هو حال مثقفينا للأسف ..
ولكن هل اللوم يقع عليهم وحدهم .؟؟
المثقف يحتاج إلى المناخ الجيد لينتج ويعبِّر ويخدم مجتمعه ويطمح إلى الشعور بالتقديروالإهتمام به وبأوضاعه وهذا يشعره بالراحة.. كما أنه بحاجة كاملة إلى حرية التعبير
وإذا توفرت له كل هذه المتطلبات فسيكون المردود عملا جادا مثمرا .. وبالتالي سوف يتفاعل مع مجتمعه بشكل كامل ويخدم قضاياه بإخلاص ووعي ويتواصل مع أفراده وجماعاته بصورة سليمة كفرد وكمبدع .


ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية