الأربعاء، 29 أبريل 2009

صورة المرأة في الرواية المحلية

"وظيفة الرواية الأولى تتمثل في اكتشاف التجربة البشرية،وهي وظيفةلا يمكن أن تقوم بها أشكال التأويل الأخرى" هذا مايقوله ميلان كونديرا.
كما أنها "تقول ما لا يمكن أن يُقال بطريقة أخرى "، حسب تعبير كارلوس فوينتيس ،وهي بإتساعها وامتداد عوالمها واشتباكاتها مع تحولات المجتمعات وتغيراته ، وبحكم انفتاحها على كل أنواع التجريب ، تظل أفضل طريقة للبوح وترميم الذات، أوللإحتجاج ضد قوانين مجتمع قامع مسيطر .. هذا يجرُّناإلى مايمكن تسميته بمشكلة الرواية المحلية.. حيث استسهال كتابتها واعتبارها مجردسرد نثري لأحداث متنوعة مطعمة ببعض الفضائحيات ،ومدفوعةبرغبة محمومة للكشف عما هو مستور ، وهتك ماهو محضور ،وبالتالي لايزيدالأمر في حقيقته عن كونه إفشاء أسرارذوات متمردة ، وبوح نفوس مختنقة بضغوط داخلية وخارجية في مجتمع قامع مسيطر.. .
ولأن الرواية تأتي في إطار الكتابة الكاشفة فهي تسعى إلى تسليط الضوء القوي على المناطق المعتمة في أي مجتمع، وتكون أكثر إثارة إذاسلطت الأضواء الكاشفة على خفايا مجتمع محافظ شكًَل أسطورتَه الخاصة به وانغلق على نفسه فيمايسمى بالخصوصية إلإجتماعية لعقود طويلة،حيث الخصوصية ترتكز في معظم الأحوال على عالم المرأة السري باعتبارهاالحاضنة الأولى لنواة المجتمع ، وحلقته المحورية ؛لذا فإن بعض الكتاب يكون هدفهم من الكتابة ـالروايات التي صدرت أخيرا ـ هدم جدران الخصوصية ، وتدنيس ماهومقدس ، واختراق أبواب المحضورات ، وبهذا المعنى ينصب الإهتمام على تصوير حياة المرأة في هذه المجتمعات وعلى علاقتها بالرجل بشكل خاص،مع الإصرارعلى تحطيم الهالة المحيطة بها ،ونزع كل رموزالنقاء والطهورية عنها.
ونظرا لأن الرواية تجسيد جمالي فني يعتمد على اللغة والتعبير عبرالتمثيل السردي ، فإن هذا التجسيد يتحقق من خلال عناصر متعددة : كالشخصية الروائية والفضاء والإيقاع والأحداث والحوار وغير ذلك ولكن تبقى الشخصية الإنسانية أهم مكونات الرواية كوسيط للفكرة، ووسيلة ناجحة لإيصال التجربة الإنسانية التي تعكس موقف الكاتب وخبراته .
وبما أن الشخصية يأتي اختيارها لتمثل تجربة ذاتية متكاملة أوجزءا منها ، أوتكون شخصية مستلهمة من التراث ، أوشخصيات، متخيلة أو محورة يختارها الكاتب من المجتمع ويكونها بحيث تتناسب والرسالة التي يبثها عبرها ، وبالتالي فهي تعبيرعن فكرهذا الكاتب وموقفه تجاه واقعه كما تكشف عن مدى فهمه لجمال الشكل الروائي المستخدم لتوصيل ميوله الفكرية وقيمه الأخلاقية ومعاييره الجمالية ورؤاه الخاصة.
والشخصية غالبا تكون من بين شخصيات المجتمع الذي يعيش فيه الكاتب ، ومن الطبيعي أنه لاتوجد نماذج معينة ثابتة تحدد صفات أفراد مجتمع ما،وسماتهم وخصائصهم كسمات وخصائص ثابتة لاتتغير ولاتتيبدل ، ولكن هناك خصائص متقاربة أو لها سمات متشابهة في المجتمع ؛ بحيث تكوِّن فكرة عن ملامح أفراد مجتمع الروائي وتركيبتهم الثقافية والإجتماعية ومواقفهم إزاء الظروف المختلفة ...
يقودنا هذا إلى الطابع الذي يطبع أفراد مجتمعنا . وعلى الخصوص طابع وشكل المرأة كماتمثلها الرواية المحلية وتشكلها كنتاج واقعي عام موجود في مجتمعنا، أو في حياةالكتاب الذين يصورنها بهذا الشكل أو ذاك.
بصفة عامة تتمثل المرأة للرجل الشرقي والعربي بشكل خاص كرمز أنثوي لكل ماهو جميل ورقيق زوجة يسكن إليهاأوحبيبة يفتنه هواها. وكرمز أحيانا للغدروالتقلب والخديعة إن هي تخلت عن عاشق مفتون من أجل زوج مضمون.
الرواية العربية في العالم العربي تجعل من جسد المرأة محورا تتمركز حوله العلاقات الخاصة بالاحداث والأفعال والوقائع وتهتم بشكل ضمني بالجسد بوصفه هوية أنثوية ، وبمايحاط به هذا الجسد من قيود وموانع وحواجز ،باعتباره رمزا للشرف والنقاء والطهارة . بالإضافة إلى أن قيمة المرأة الحقيقية تقاس بمدى أنثويتها ، وامتلاكها لجسد تتمثل فيه المواصفات الجمالية التي يطمح إليها الرجل في الأنثى ، في حين أن قيمتها الأخلاقية تقدرمن حيث محافظتها على هذا الجسد أو التفريط فيه، ولاتتمثل في قيمتها ككيان إنساني متفاعل قادرعلى التفكير ويتحمل دورا ومسؤوليات في بناء المجتمعات الإنسانية ،ولاتتجسدقيمتها الأساسية كحافظة للنسل البشري ودافعته لعجلة التقدم الحضاري في جميع الأمم.
نظرة المجتمع العربي للمرأة نظرة تعسفية حذرة متوجسة ، فهل عملت الكاتبة العربية على تغيير هذه النظرة للمرأة من خلال كتاباتها ..وهل نجحت في ذلك ... وماذا قدمت الكاتبة لنا السعودية من خلال هذا الكم الهائل من الروايات المحلية التي صدرت مؤخرا .. وكان للسعوديات دورهن في هذه العملية الإنتاجية ؟
لدينا أمثلة منتزعة من بعض الروايات المحلية لكاتبات أثبتن حضورهن في مجال الكتابة الروائية لنرى كيف صورن المرأة في رواياتهن.
1- رواية ليلى الجهني الفردوس اليباب ، صورةالمثقفة التي لم يحمها علمها وثقافتهامن والوقوع في ماتقع فيه أي فتاة غريرة ساذجة ..
2- في جاهلية الفتاة المتعلمة المغلوبة على أمرها حيث لايمكنها تحقيق رغبتها في الإقتران ممن تحب ، الرافضةلأفعال الأخ المسيطر ووالتافرة من أعراف الجتمع المتعالية المتمسكة بالعنصرية،.. المتحدية للتقاليد بالبقاء مع الحبيب المحتضر وإن كان تحديا سلبياعلى أي حال.
3- زينب حفني تقدم المرأة بشكل صارخ مستفز والرجل متهم وحش خائن فهو يعتدي على المرأة في طفولتها ، ويتحكم فيها في شبابها ويفرض وصايته الجائرة عليها في جميع مراحل حياتها ، وهويتسلى بها حين يرغب فيها ثم يتركها لعدم ثقته بها. ...وهكذا...
النساء في رواياتها بجانب أنهن مغوَِيَات فهنَّ مغوٍِيات ، نساء جامحات ينتقمن لأنفسهن مما يجدن أنه جوروظلم واقع عليهن بفساد أخلاقي يحولهن إلى مستهترات فاسدات .. يمارسن علاقات مستهجنة كالمثلية الجنسية ، ويغامرن بتعدد العلاقات بشكل عابث وماجن.. وبشكل عام فهي تغامر بخلق نماذج للمرأة المشاكسة والمتمردة والفاسدة لإرساء خطاب مناهض للخطاب الذكوري إذ لاوسيلة للنضال ضده إلا بكتابة جريئة متحدية .
4- قماشة العليان تصور النساء في رواياتها شاكيات باكيات حزينات تعيسات بسبب جبروت الرجال ومهما تغيرت أحوالهن ومهما تعلمنَ يبقين شخوصا غارقة في الخنوع والانهزامية، وفقدان الذات.
5- رجاء الصانع في روايتها بنات الرياض التي أثارت ضجة كبرى
تسوق لنا قصص أربع شابات من أسر مرموقة وثرية .. عشرينيات منعمات مرفهات وهن بحكم ظروف المجتمع وعاداته ممنوعات من حرية قيادة السيارات لاخيار لهن في نوع التعليم الذي يتلقينه ،محرومات من الحصول على الوظيفة التي يرغبن بها ،ولا فرصة لديهن للتعرف بشكل جيد على الزوج قبل عقد القران .. ومع ذلك فهن يمارسن كل أنواع المحضورات كالشراب وممارسة العلاقات مع الشباب دون خوف أو قلق... ويتحدثن عن الشذوذ الجنسي والعلاقات مع الرجال ببساطةودون تحرج ..
نماذج مشوهة لفتيات يعشن في الرياض بعقليات أجنبية . نماذج موجودة ولكنهالاتمثل الصورة الحقيقية للفتاة السعودية .
6- نساء بدرية البشر في ( هند والعسكر ) نساء مختلفات :
بعضهن يعشن في زمن حاضر بعقلية الماضي ،وأخريات متحضرات فكريا يعانين من استبداد المجتمع فيتصرفن بطريقتهن ،واحدة تمارس مغامرة تصل إلى حد الجنون ،وأخرى لاتعرف كيف تتعامل منصبها الكبير كمديرة مستشفى وثالثة مطلقة تهرب من خارج البلد مع طبيب أجنبي لتتزوج منه.
نرى أيضا الخادمة العجوز الوفية للأسرة التي استرقَّتها في الماضي .. همزة الوصل بين الماضي والحاضر ،وأم صامتة مسيطرة ومتحكمة في أمور الأسرة كتعويض عن تعاسة عاشتها في زواج أجبرت عليه كطفلة .. هي نموذج مختلف للأم عن القالب التقليدي المألوف لصورة الأم الحنون الطيبة ، ،الأبناء الذكور يفشلون في حياتهم والإبنة الوحيدة تمنع من الكتابة في الصحف من قبل الأخ ثم من قبل الزوج فتختارإسما مستعارا تعبرمن خلاله عن ذاتها المغلوبة تحت نظام هو شبيه بنظام العسكر، اختلافها عن بقية النساء فكريا يجني عليها حيث لايروق للزوج أن تتعامل معه باستقلاليةذهنية فتصبح مطلقة محبطة، ويسهم العمل في استقرار نفسيتها حيث تتعرف عن طريق عملها المختلط بشاب يحبها، وتسافرإلى خارج البلاد لتلحق بالأخ المهاجر حيث تستطيع ممارسة حياتها دون قيود والزواج بمن تحب .
7- بحريات أميمة الخميس الخطاب الروائي مهتم أساسا بتصوير حياة نساء مستقدمات من الخارج كزوجات لإضفاء الحيوية وترطيب حياة الرجال الجافة ، واصدامات الناتجة عن اختلافات طرق المعيشة بين مانشأن عليه وبين مجتمعهن الجديد الذي يعمل على تذويبهن داخل البوتقة الإجتماعية الموجودة ، ومع ذلك نجد حضورا للمرأة المحلية كأم صالح التي مضى نصفها الأطيب، والزوج الذي لم يعد له فيها غرض قيسلمهالها مفاتيح خزينة المؤونة وينشغل بالزوجات الجديدات ...الزوجة موضي التي تتباهى بجمال ابنتها كتعويض عن شعورها بالنقص لقلة جمالها وفشلها في منافسة غريمتها الشامية المستحوذة بشكل شبه كلي على الزوج بجمالها وأنوثتها.. قماشة المطلقة التي تعوض تخلي الزوج صاحب الجاه والمنصب عنها رغم جمالها بالإنغماس في علاقات سرية محرمة كإنتقام لنفسها .
ونموذج جديد للمرأة المتعلمة الواثقة من نفسها التي لاتشغل نفسها بمراقبة رجلها العابث ( متعب ) ولاتلقي بالا لملاحقته لزوجات جيرانه الشاميات المختلفات عن نساء بلده ، ولايقلقهااستيلاء امرأة أخرى عليه إعتزازا بمكانتها،وحصولها على شهادات عليا تمكنها من نيل مركز عالٍ في البلد .. صورة متميزة ولكنهاجاءت بشكل سريع وعابر .
8- رجاء عالم تقدم لنا نماذج مختلفة لنساء قادرات على التحكم بزمام حياتهن دون اهتمام برأي المجتمع وتقولاته ... نساء متفلسفات ومتآلفات مع واقعهن الأنثوي ومتفهمات لحاجاتهن ومطالبهن ومايفرضه المجتمع عليهن من قيود . .. مريم بطلة ستر كمثال امرأة واعية تحمل بداخلها إحساساعميقا بذاتها وقدرة على التعامل مع الأمور المحيطة بها بحسم ، وهي تعيش بحسب ما تمليه عليها مبادؤها ، تقرر دائما ماتريد ولاتستسلم لوصاية الآخرين . امرأة تمارس الرفض بوعي تام ودون اهتمام برأي أحد ، بعكس طفول الطيبة التي تتباهى ببدويتها ، ولكنها تقبل العيش مع زوج فاشل ومهووس ببناء عضلاته يحملها على الإغتراب ، ويقنعها بتربية الحيوانات لتوفر المال الذي يحتاجه ليصبح البطل الذي يحلم بأن يكونه ،وحين يطلقها رغم تضحياتها الكثيرة... تعود إلى بلدها لتعيد بناء حياتها من جديد.
بشكل عام نجد أن رجاء عالم هي الأقدرعلى اختراق عالم المرأة الداخلي ،فبطلاتها متوازنات نفسيا وعلى درجة كبيرة من الوعي الداخلي ، يعالجن مشاكلهن بحكمة وبنوع من التفلسف العميق ، نساء يملكن حق اتخاذ القرار رغم كل المعوقات. وهن الأكثر حيوية من بين عشرات الشخصيات النسائية اللواتي صورتهن الكاتبات الأخريات .
أما النماذج الأخرى فتثبت لنا أن المرأة الكاتبة مازالت خاضعة لتأثير الموروث الجمعي بشكل لاواعي ، فهي تصورالمرأة كأنثى ضعيفة خاضعة لسيطرة الرجل عاجزة عن حماية نفسها من ظلمه وتعسفه من ناحية ، كماتجعلها هشة معرضة للسقوط في حمأة الخطيئة إن أهمل الرجل حراستها أومكنها من نيل حريتها .!!!
حتى المرأة المثقفة حين تحضر في كتابات الروائيات المحليات تظهر مضطربة متوترة مشغولة بهمومها الخاصة خاوية لايشغلها في الحياة إلا البحث عن الرجل الذي يفتح لها الأبواب المغلقة .
مشكلة ظهور المرأة بشكل غير إيجابي في الرواية المحلية هي جزء من مشكلة أكبر: حيث الصورةالنمطية للمرأة في الرواية بشكل عام ، كصورة خلقها فكر الرجل الذي ركّب لنفسه صورته الخاصة به ثم ركب للمرأة الصورة التي يحب أن تكون عليها ..بحيث تكون هي الجزء المكمل والممتع لعالمه، وليست جزءا أصيلا من عالم يضم الإثنين معا في تركيب اجتماعي متوازن، وبالتالي فمعظم ما يكتبه الرجال عن المرأة لايعكس المرأة كحقيقة ،وإنما يعكس صورة المرأة كما هي في خيال الرجل الكاتب... وقد فشلت الكاتبة العربية في إضافة أي قيمة إنسانية للمرأة أو إظهارها بشكلها الحقيقي.... وليست مجردامرأة مشغولة بذاتهاالأنثوية.. مهمومة بالبحث عن الذكرالذي يعطيها قيمة وحصانة اجتماعية في عالم يرفض المرأة لذاتها .
الرجل والمرأة في واقع الأمر ليسا خصمين لدودين ، ومابينهما من صراعات مستأصلة وقديمة سببها هيمنة الرجل واعتقاده بدونية المرأة ، وتحدي المرأة ونضالها من أجل تحقيق حلم إنسانيتها،وهو صراع خلقه ذلك التصور عند الرجل للمرأة كأنثى ووسيلة استمتاع وهذه الصورة زرعهاالموروث الجمعي في عقله ووجدانه منذ نشأة وعيه بكينونته . والمرأة الكاتبة غالبا لاتعالج هذه المسببات أوتيحث فيها وفي كيفية تغييرها وإنماهي تتماشى معها .
وبذلك يمكن القول أن الخطاب النسائي السردي الروائي فيه تهميش واضح لصورة المرأة في المجتمع وعدم ترسيخلفكرة كونها كيان مستقل بقيمته الذاتية ورؤيته للأحداث وللتغيرات الكثيرة في مجتمع معاصر متخم بالمشاكل والهموم والقضايا.
والكاتبة العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص بحاجة إلى "خلق وعي جديد للمرأة بذاتها وليس من خلال ما يمثله الرجل لها " كما عبرت الروائية فوزية الرشيد في حوار لها
ونتلمس العذرللكاتبات كون المعالجة الروائية مازالت في أطوارها الأولي ولذا فهي لم تستوعب بعد كيفية تصوير الواقع بشكل جدي ولم تنجح في تجسيد قضاياه الحقيقية ، فهي لاتزال في البدايات الأولى ،وحين يأتي الوقت الذي تتمكن فيه الرواية من التعبيرعن حقيقة حياتنا ستنجح في الغوص في عمق الأشياء وليس فقط ملامسة أسطح هذه الأشياء.
نختتم بقول:
" ماريو بارفاس يوسا" " أن الرواية هي أفضل شيء للإطاحة بحيرتنا وشكوكنا .ونحن نتظرمن روايتنا أن تقدم لنا شيئا من هذا النوع .؟
كما نعول على وجود رواية " تتحمل عبء مساعدتنا على فهم مايحدث في الحياة "حسب رؤية كونديرا


( ورقة عمل في نادي الشرقية الأدبي ) عام 2007

رواية ( اللارواية )

وهو تعبير جديد عن التجربة الروائية الحديثة ...بعد ظهور عدد من الأعمال الروائية الحديثة منذ منتصف القرن العشرين ... تلك الأعمال التي جعلت القراء وبعض النقاد يعتقدون أن عهد الرواية بمعناها التقليدي قد انتهي (( قصة - حبكة -شخصيات -زمان ومكان ))
ذلك أن الرواية تبرز من خلال شكلها الذي يمتاز بمرونته وانسيابته ،وتتميز بتنوع الشكل الروائي وقدرته على الانفتاح واستعمال أدوات وتقنيات فنية متنوعة مستلهمة من الشعر والدراما والسينما والتراث القصصي الشفاهى والتمثيل السريع لمنجزات العلوم الإنسانية والطبيعية والتفاعل مع التطورات الفكرية الأدبية ( محلية وعالمية ) وهذا كله من خلال التفاعل الدائم مع تنوعات تصور الفعل البشري وتصويره ، فالشكل الروائي في جوهره لغة سردية مكتوبة للفعل البشري وتتشكل هذه الصورة من خلال عوامل عديدة وعناصر متنوعة وعلاقات متجددة باستمرار .
وهي عناصر وعلاقات تتفاعل وتتداخل لتولد بنية روائية وتشكل بتفاعلها الذاتي والموضوعي والداخلي والخارجي مكونات الشكل الروائي وهي جميعها عناصر تكوينية متحركة تتحكم بولادتها وتشكلها وتفاعلها حركة أخرى هي الرؤية الفنية .
وقد تعاقبت على الرواية تيارات عديدة منذ أن بدأت تأخذ مكانها في عالم الأدب كما قام البعض بوضع النظريات المختلفة لها ،وكان أول من عني بوضع نظرية روائية من الكتاب فيلدنج وقد حدد لها بعض القوانين والشروط. ثم توالت النظريا ت وتتابعت التيارات فمن التيار الرومانسي إلى النظريةالطبيعية التي تعتني بوصف الطبيعة والبيئة المحيطة إلى النظرية الواقعية التي تعالج قضايا المجتمع وهمومه وقضايا الفرد في معاناته الإنسانية والمصيرية إلى الواقعية الإشتراكية التي تدافع الأنظمة الإشتراكية وتسعى إلى إبراز محاسنها ثم النظرة الوجودية والعبثية التي اجتذبت الكثير من كتاب الرواية في منتصف القرن العشرين وصولا إلى التيار الحديث جداً في الرواية وهو تيار الرواية الشيئية ، هذا التيار الذي يلقب أحياناً بتيار (رواية اللارواية ) Anti-Novel .
والرواية الجديدة تركز على جمادات الكون وعناصره غير الإنسانية وتمثل ذلك أعمال المدرسة الشيئية وفي مقدمتها أعمال " آلن روب جرييه " وهي المدرسة التي يرى أصحابها أنه من الغرور والابتعاد عن الموضوعية وأن نؤنسن الطبيعة من حولنا ونراها من خلال ذواتنا لأن ذلك يؤدي إلى نوع من الحلولية لا علاقةله بالحقيقة ولا بالنظرة الموضوعية للأشياء .
وبعد ظهور بعض الأعمال الأدبية الحديثة اعتقد الكثير من الناس أن عهد الرواية بمعناها التقليدي قد انتهى ( قصة _ حبكة _ شخصيات _ زمان ومكان ) وبعضهم قال بأنه لم يعد هناك تمييز بين الرواية والشعر .
ففي الرواية الحديثة تحررت الكتابة الروائية من قيود المنطق الذي ساد في الماضي وهو ضبط الشخصيات الروائية في سياق بناء درامي متصاعد يمسك بأطراف الرواية من النواحي الزمانية والمكانية جاعلاً منها عالماً موازياً لعالم الواقع ومعبراً عنه .
وقد أدى هذا التحرر من القيود إلى خلخلة بناء الرواية كله وتفكك الحبكة وانحلال الشخصيات كما أدى إلى انهيار زمن الروائية وتلاشي الحدود المكانية . ولكن رغم ما حدث للرواية الحديثة من تدمير منهجي للبنى التقليدية كانت الرواية الجديدة ترسي أسس بناء مختلف للغاية فقد انتقلت من مجرد كونها أداة تعبير عن موضوع خارجي إلى كونها أصبحت الأداة والموضوع نفسه وذلك عبر عملية استبطان للمرجع الخارجي يفتح أمام الكتابة أفاقاً جمالية جديدة .
لم تعد الرواية الجديدة تخضع للزمن الخارجي .. زمن الساعات والتقويمات بل أصبحت تخضع للزمن الداخلي .. أو الزمن الذاتي ( الإنساني ) وذلك عبر الاستعانة بالحوار الداخلي أو يسمى " تيار الوعي " .
والرواية الجديدة أو رواية اللارواية التي يعد " ألن روب جرييه " أحد واضعي طرقها والتي وضع لها منظوراً جديداً في كتابه ( نحو رواية جديدة ) ، وله عدة روايات سار فيها على النهج الذي دعاله وهي ( المماحى ) و ( العراف ) و( الغيرة ) ترفض كل الاتجاهات التقليدية المعروفة وتلغي كل الحقائق التي نعرفها عن الرواية المحكمة البنيان التي تحتوي على حوادث وشخصيات وتجارب إنسانية .
هذا النوع الروائي يسمى برواية ( الشيئية ) وهو يعد امتداداً فنيّا للوجودية وهذا التيار ظهر لاحقة لتطور الرواية الفرنسية والمكان لدى " جرييه " هو موضوع خال من الدلالة أو بمعنى أوضح هو وجود موضوعي صرف ويرى " جرييه " أن إسباغ دلالة ما عليه أمر مناقض لطبيعته بوصفه مجرد مكان "لا هو عبث ولا هو دلالة ، انه ببساطة موجود " كما يقول وهو بذلك يريد من الكاتب أن يركز على النظر إليه في صرامة وتجرد فلا يحمله دلالات لا تجملها ولا يزيفه بوصفه واقعاً متعيناً . وهو يرى أن الإنسان في هذا المكان كائن معزول في عالم من الأشياء والموجودات العارية من الدلالة والتي تبدي وجوداً يعوزه الترابط . وما نجده في صفحات الكتب من تفاعل بين الإنسان والطبيعة ليس إلاانعكاس لمفاهيم وأقوال مغرقة في رومانسية ثقيلة .
وقد فسّر " جرييه " ذلك( بأن الإنسان يعيش غريباً في عالم من الأشياء الصامتة الفاقدة للحس وهكذا فإن " جرييه " يدعو إلى النظر إلى جميع الأشياء المحيطة من منظور مختلف عن المنظور الأيديولوجي البورجوازي الذي يزيف الواقع ويشوه الأشياء ومن هنا تأتي مهمة الرواية الجديدة التي لا تدرس عواطف الناس ولا تعبر عن أعماقهم وما يدور فيها و إنما تنصرف إلى التحديق في الأشياء وتقدمها في وجودها الصلب العاري ، وهو أمر لا ينجح فيه الروائي إلا إذا هجر الواقعية المستهلكة وابتعد عن خزانة الكشف عن العمق)•.
والتجربة التي يجسدها هذا الشكل الروائي الجديد تتصف بالغموض والعبث واللامنطق تعبيراً عن غموض الحياة وعبثيتها ولا معقوليتها وهي تشدد على الحرية الفردية المطلقة مستندة إلى مفاهيم الفلسفة الوجودية وهذا يدعو إلى التذكير بأن الرواية الشيئية يعد امتداداً فنياً للفلسفة الوجودية .
وإذا كانت الشخصية في رواية( تيار الوعي) محورية مهمة حتى وإن كانت شبه معقدة تعاني من مشاكل سيكلوجية كثيرة. وفي الرواية الجديدة والتي يعتبر ألن جرييه أحد مؤسسيها تصبح الشخصية مجرد تكية يتكىء عليها المؤلف ليعبر عما يريد قوله وهذا ما تعتنقه ناتالي ساروت في رواياتها وهي تقول إنها تعتبر الشخصية كائن غير محدد المعالم، وغير قابل للتعريف.
وبذلك فقد تحول الاهتمام من العالم الخارجي إلى العالم الداخلي ، وقد كان التحول إلى رواية ( تيار الوعي ) ناشئاً ومواكباً لظهور نظريات " فرويد " في علم النفس عن الدوافع والأسباب ونظريته عن (اللاشعور ) كذلك ظهور فلسفات جديدة فنية تقوم على رفض المحاكاة والنظر إلى العمل الفني ككيان مستقل بذاته .
أما بعد تحرر الرواية من قيودها السابقة فقد أدى ذلك إلى خلخلة العمارة بأكملها وتفكك الحبكة ، كما انحلت الشخصيات ولم يعد لها دور رئيسي في الرواية وانهار الزمن الروائي ، وتلاشت حدود المكان وهكذا خرجت الرواية الحديثة بعد عملية تدمير منهجي لبنيتها التقليدية .. ولكنها في المقابل أرست بناءً مختلفاً تماماً عما كانت عليه فانتقلت من كونها أداة تعبير عن موضوع خارجي لتصبح الأداة والموضوع في نفسه وذلك عبر عملية استبطان للمرجع الخارجي مما يفتح آفاقاً جمالية جديدة في كتابة الرواية كما قال الناقد " جورج أورليان " في مقالة له نشرتها جريدةالشرق الأوسط.
وهكذا وبعد هذا العرض السريع للإتجاهات التي سادت الرواية ؛ فإننا سنخلص إلى التطلع إلى الرواية من منظور حديث ،نجد أن اتباع الطرق الجديدة في كتابة الرواية قد حررت الكتابة من قيود المنطق الذي ساد في السابق حيث كان الروائي يجعل من الرواية مكاناً موازياً لعالم الواقع ومعّبراً عنه عبر اختيار مجموعة من الشخصيات يقوم بضبطها في سياق بناء درامي متصاعد يمسك بأطراف الرواية من الناحية الزمنية والمكانية بحيث تصبح الرواية هذه عالماً موازياً لعالم الواقع المعاش بكل أحداثه ومشاكله وهمومه وقضاياه المختلفة .
ورغم الإحتفال الكبير بهذا الإتجاه الروائي الجديد ، وتخصص بعض الكتاب في الدفاع عنه ، وتطبيق طرقه وأساليبه على رواياتهم من أمثال ألن روب –جرييه وكلود سيمون وناتالي ساروت وغيرهم ولكن هذه الرواية كما يبدو لم تستطع الصمود وتثبيت قواعد جديدة ومخالفة لكل ماسبق وضعه من قبل الروائيين الكبار بمختلف اتجاهاتهم وأفكارهم وأساليبهم ، فمازال القراء يميلون إلى قراءة الرواية التقليدية التي تنقل لهم الواقع وتزينه ،وتضع لهم عالما يعرفونه أمام أعينهم وشخصيات عادية مثلهم تمارس حياة تشبه الحياة التي يعيشونها ، وتنتابهم أحاسيس مثل ما تنتابهم أمام الظروف المختلفة . ولعل هذه الأسباب وعدم تفهم الكثير من القراء لمعنى الرواية الجديدة ، بما تصوره من واقع جاف يخلو من حرارة العلاقات الإنسلنية ويكتفي بنقل أشياء لاروح فيها ولاحيوية بشكل مطول وممل جعل كتاب هذا النوع من الروايات ينصرفون عنها ويعلنون فشلها وبالتالي يعودون إلى كتابة نوع آخر من الروايات سمي عند البعض رواية مابعد الحداثة أورواية الواقعية السحرية..
وهذا النوع من الروايات التجريبية يعتمد على العودة إلى الأساطير والحكايات القديمة و الخرافة وإعادة صياغتها بشكل حديث، مع محاولة إسقاط بعض الشخصيات الحديثة بداخلها أو بعض الأفكار والتصورات.. ويبدو بعض هذه الروايات وكأنه طلاسم غير مفهومة .كما أن اللغة المستعملة تميل إلى الإستفاضة واستعمال اشتقاقات وكلمات ومفردات وتعبيرات غير مستعملة من قبل. وكثيرا ما يكون البحث عن ماهو غريب ومجهول من الحكايا والأساطير التاريخية وإعادة صياغتها بطريقة عصرية بحيث تسمح لفعل الخلق لإبراز وعي الذات، واستغلال ذلك الفعل باستمتاع الطفل الذي يخترع لعبة جديدة .واستخدام الشخصيات التاريخية بشكل يسمح للكاتب بحذف بعضها والإستحواذ على أدوارها كوسيلة لإثبات ذات الكاتب نفسه.
ويمكن تعريف هذه النوع من الرواية بأنهاتسعى إلى الإبتعاد عن مجموعة التقاليد الروائية ونبذ الطريقة الإعتيادية في تقبل الرواية كعمل خيالي يصف جزءا من الواقع . واستخدام طرق جديدة في الشكل والمضمون تميل إلىأفكار غير واقعية وهي تقدم بنية تكاد تكون خالية من العمق الجمالي والفلسفي الذي تحتويه الرواية التقليدية . وهي رواية نخبوية تبحث عن قاريء خاص ولذا فإنها لم تحقق انتشاراجماهيريا كبيرا.

روايــة القرن العشرين ( رواية تيار اللاوعي )

ظهرت هذه الرواية بين العام مع بداية القرن العشرين وبالتحديد بين عامي 1913 و 1915بظهور الجزء الأول من رواية ( الحج ) لدوروثي رتشاردسون عام 1913وهي رواية طويلة تتألف من إثنى عشر كتاباً أصدرتها على مدى أثنى عشر عاماً وانتهت منها عام 1935. وكانت رواية ( البحث عن الزمن المفقود ) لمارسيل بروست في فرنسا قد صدرت في نفس هذا التاريخ وهي أيضا من الروايات التي تعنى بالتحليل الدقيق لمشاعر الشخصيات ونوازعهم . ثم جاءت رواية جيمس جويس (صورة الفنان في شبابه ) التي صدرت عام .1916 وكانت فرجينيا وولف قد أصدرت روايتها الأولى(الرحلة الخارجية) في نفس العام غير انها لم تلجأ إلى اتخاذ هذا الأسلوب الجديد في الرواية إلا بعد ذلك في روايات (الأمواج ) التي صدرت بعد ذلك ثم في( إلى الفنار) و (مسز دالوي) التي صدرت عام 1924وفي هذه الرواية الأخيرة نرى الحياة في حالة من الخلق المستمر، في تغير دائب من لحظة إلى أخرى مثل ينبوع تمثل اللحظة واحدة من قطراته.وتحس شخصيات الرواية بالزمن باللحظة أثناء مرورها ، ويعطيها هذا الإحساس ذاته تركيبة رائعة ، فهي لاتتركب فقط من إدراك وإحساس ، وحالة الشخصية النفسية لحظة الإدراك وإنما أيضا من إدراك حس بالغ الرقة ،قد لايزيد عن كونه نصف واع،للعالم المحسوس الذي تتحرك فيه الشخصية. وفي نفس الوقت فإن اللحظة التي تجريها ترتبط ببلحظات ذات تجربة مماثلة في الماضي، بواسطة روابط التداعي.. وهنا فإن فرجينيا وولف تفعل على نطاق ضيق ما فعله بروست في "البحث عن الزمن المفقود").•. التي تعد إحدى روايات ( تيار الوعي) وحين صدرت رواية جيمس جويس ( يولسيز) 1925 ، صار هذا الإتجاه الجديد في كتابة الرواية واضحا.خاصة وأن فرجينيا وولف كانت قد ألقت قبل ذلك محاضرة بعنوان ( مستر بنت ومسز براون) على جمهور من الطلبة في جامعة كامبردج عام 1920قالت فيه "إن الطبيعة البشرية تغيرت"•. وعن حركة الفكر التي تصفها بأنها تشبه طfيعة الذات . واستشهدت برواية ((نهاية البشر)) لبتلر ومسرحيات برناردشو كدلالة أولى على هذا التغيير الذي طرأ على فكرة الإنسان نفسه .
وفي عام 1927 صدرت رواية فرجينيا وولف (إلى الفنار) وهي مثل سابقتها لاتحمل أحداثا كبيرة وإنما اتخذت من طريقة مسيل الوعي أو المناجاة الداخلية لدى الشخصيات هدفها الوحيد، وعلى القراء استنتاج الأعمال التي يؤدونها في الحياة اليومية من مناجاتهم.
ويعتبر جيمس جويس هو الأكثر موهبة وقدرة وقد نجح نجاحا باهرا في استخدام ( تيار الوعي ) في رواياته وخاصة "يوليسز".التي تجري أحداثها يوما واحدا فقط في دبلن عام 1904. وفي الرواية يجعل جويس كل حادثة تتفق مع حادثة في ملحمة"الأوديسا " لهوميروس . وبذلك فقد جاءت" محاكاة تهكمية لهوميروس يمكن اعتبارها نقدا لحياة القرن العشرين، تصويرا لما يؤول إليه البطل من انكماش في عصر من البهيمية". وكان جويس يهدف فيما يبدو إلى عرض الحياة بأكملها في يوم واحد. وهي رواية تسجيلية لمدينة دبلن وكما قيل عنها أنه لم يحدث أبدا أن أعيد خلق أي مكان بهذا التفصيل، وأعيد خلقه بتفصيلات يوم بذاته من التاريخ.وبالإضافة إلى ذلك فإن أسلوبها بالغ العظمة كما يوصف وتعد كل جملة وصفية فيها من حسن التنسيق في الكلمات ، والمعنى كأي بيت من الشعر الراقي.
كان لجويس ومن معه من كتاب الرواية في هذا الوقت أثر كبير في تحول اتجاه الرواية وخروجهامن عالمها الخارجي الذي يعتمد بصفة أساسية على السرد والوصف والتي كان بلزاك قد رسم معالمه وحددها، ، إلى التركيز على العالم الداخلي للشخصيات وتكثيف التجربة الإنسانية كما تحياها هذه الشخصيات وكما تشعر بها.
وكانت أوجه الشبه بين هؤلاء الكتاب هو أنهم حولوا اهتمامهم من العالم الخارجي إلى العالم الداخلي للشخصيات وهم في ذلك متأثرين كما يبدو بعدة عوامل منها اكتشافات فرويد في علم النفس ونظريته عن اللاشعور، وظهور فلسفة للفن بوجه عام تقوم على رفض نظرية المحاكاة، وتدعو إلى النظر إلى العامل الفني ككيان مستقل بذاته وقد عملوا بكتاباتهم على نشر هذا النوع من الروايات الذي أطلق عليه إسم رواية ( تيار الوعي) .
ويمكن تقسيم هذا الاتجاه في كتابة الرواية النفسية إلى قسمين هما: ( الرواية الذهنية) ورواية ( تيار الوعي ) .
والرواية الذهنية هي الرواية التي تعنى بمرحلة التفكير التي تدور في ذهن الشخصية كنشاط ذهني منظم، في مرحلة التفكير والكلام ، أي أن الشخصية تعبر عن ما يدور في ذهنها بطريقة تدل على القدرة على ضبط الأفكار ومن ثم التعبير عنها بالكلام ومن كتاب هذا النوع من الروايات هنري جيمس وخاصة في روايته( صورة سيدة)التي صدرت عام 1881.
أما رواية تيار الوعي فإنها تختلف عن ذلك من حيث أن النشاط الذهني يمثل الجزء الظاهر من الوعي ، فالوعي هو الكتلة التي يجب أن يهتم بها الكاتب في هذا النوع من الروايات .
والكتاب الذين نجحوا في كتابة هذا النوع من أنواع الرواية قلة يقف على رأسهم" جيمس جويس"و"دوروثي رتشاردسون" و"فرجينيا وولف"و" مارسيل بروست"و"وليم فوكنر" في روايته (الصخب والعنف) التي أصدرها1914.
وهؤلاء الكتاب يشبهون الوعي بكتلة الجليد التي ترقد تحت سطحها مناطق مجهولة هي مجال رواية ( تيار الوعي).وهم لذلك يهتمون باللحظة التي تكون فيها الشخصية في أوج وعيها ولذلك فإن الشخصية المحورية لابد أن تتميز بذكاء شديد ووعي عميق بالحياة .. وعياً يكن أن ينقله المؤلف إلى القارئ كما يمكنها من التمييز بين مختلف درجات الشعور .
ولأن رواية ( تيار الوعي ) تهتم بالتجربة الإنسانية كما تتمثل في الشعور فقد قلّت بها عمليات الربط التقليدية وإن لم تختف تماماً بل" أصبحت تعتمد على وسائل أكثر فنية وأقرب إلىً الوسائل المستخدمة في الموسيقى أو التصوير الشعري أو اللوحات الفنية مثل الاعتماد على الرمز و الصور المتكررة أو المتصلة." وأهم الأساليب المستخدمة في رواية ( تيار الوعي ) هي ( المونولوج الداخلي ) وقد سبق استخدام هذا الأسلوب لدى بعض كتاب الرواية في القرن التاسع عشر وهم أولئك الكتاب الذين كان يظهرون اهتماماً شديداً بتصوير النفس الإنسانية وظهر ذلك واضحاً في بعض أعمال " دوستويفكي " و " هنري جيمس " وغيرهم وكان الكتاب وقتها يلجأون إلى استخدام طريقة النجوى ( حديث النفس ) للكشف عن بواطن الشخصية التي لا تستطيع الإفصاح عنها ، ولا يمكن للآخرين معرفتها .
لم تعدالرواية الجديدة فإنها لم تعد تخضع للزمن الخارجي المحدد بالساعات و التقاويم الزمنية بل أصبحت تخضع للزمن الداخلي ، للزمن الذاتي ( الإنساني ) عن طريق الاستعانة بالحوار الداخلي ،وبما يسمى (تيار الوعي ) وهو ذلك التكنيك الذي يركز على ما يدور داخل الشخصية من أفكار وخواطر ومشاعر تتوارد دون تنظيم أو ترابط منطقي في منطقة الوعي القريبة من اللاشعور .

وكانت هذه الروايات التي تعتمد على نجوى النفس تسير على طريقة السرد الروائي . وهذه النجوى الداخلية تأتي توضيحاً لأمور لا يمكن إيضاحها عن طريق السرد التقليدي . كما أن هذه النجوى كانت تقفز إلى ذهن الشخصية بعد أن يكون انفعالها قد تبلور في أفكار منظمة ، أما في رواية ( تيار الوعي ) فإن " المونولوج الداخلي " يقدم لنا انسياب الوعي وتدفقه أثناء انسيابه بطريقة لاشعورية وتلقائية وقبل اتخاذ أي قرار أو أفكار خاصة . وهكذا فإن الشعور الداخلي هو المحرك الرئيسي للإنسان . وعالم رواية تيار الوعي ليس عالماً خارخياً وإنما هو عالم غير مرئي تقع الأحداث فيه داخل ذهن الشخصية المحورية .
وعن هذا الموضوع تقول " فرجينيا وولف " في محاضرة لها ألقتها عام 1920
( لنسجل الذرات وقت سقوطها على الذهن بالترتيب الذي سقطت به ) وهي بذلك تقصد أي يعمل الكاتب على تسجيل الأفكار الداخلية التي تشبه الذرات التي تتساقط على الذهن أي الأفكار والمشاعر المنسابة داخل الوعي دون ترابط أو تخطيط .
ولتعريف المونولوج الداخلي كأسلوب فني مستخدم في الرواية نقول عنه ( إن الهدف منه هو تقديم المحتوى الداخلي أو النفسي للشخصية والعمليات النفسية التي تتم داخل هذه الشخصية بصورة كلية أو جزئية في نفس اللحظة التي توجد فيها هذه العمليات النفسية في مستويات الوعي المختلفة وقبل أن تتشكل للتعبير عنها بالكلام على نحو مقصود )•
والمونولوج الداخلي ينقسم إلى نوعين هما " المونولوج الداخلي المباشر " و " المونولوج الداخلي غير المباشر " وفي الأول يتم استخدام ضمير المتكلم ويقدم للقارئ بشكل يوحي بتداعي الأفكار بصورة غير مرتبة أما الثاني فيستخدم فيه ضمير المخاطب أو الغائب وكان يستخدم في بعض روايات القرن التاسع عشر كما سبق للكشف عن بعض خفايا الشخصية ومشاكلها الداخلية .
وفي النوع المباشر من " المونولوج الداخلي " الذي يستخدم فيه ضمير المتكلم فقد كان يستخدم لدى كتاب القرن التاسع عشر كما سبق للكشف عن بعض خفايا الشخصية ومشاكلها الداخلية ومنهم ديستويفسكي والمونولوج هنا يستخدم في الحالات التي لايوجد فيها أحد مع الشخصي المتكلمة أي شخصية أخرى يفترض أنها تتلقى. وهو بهذا يشبه إلى حد كبير المناجاة لولا اختلاف جوهري بينهما فالمناجاة تقدم معلومات بطريقة غير مباشرة، بينما لايقدم المونولوج المبشر أية معلومات لأنه غير مترابط ، والأفكار فيه متقطعة ، وقد يتدخل المؤلف في هذا النوع من المونولوج أن ولكنه لايظهر بشكل واضح إلا في حالات الشخصية المعقدة نفسيا ، أو في حالات تصوير طبقات عميقة من الشعور تستدعي بالشرح.
وفي النوع غير المباشر من " المونولوج الداخلي " يتواري المؤلف خلف شخصياته ويقدم للقارئ ما يتصور أنه وعي شخصياته وذلك من خلال قدرته الذهنية الخاصة وقدرته على التحليل والنفاذ إلى أعماق النفس البشرية التي يصف مشاعرها وأفكارها ولهذا فالكاتب لابد أن يكون على درجة كبيرة من الثقافة والوعي والقدرة على التقاط المشاعر الإنسانية الدقيقة وهذا النوع من المونولوج يكشف ثقافته ومقدرته الذهنية الخاصة ومقدرتهالتحليلية ولذلك تتطلب روايات( تيار الوعي) أن ينمتع القارئ أيضا بذاكرة قوية ليربط بين المعلومات التي تعطى له على مراحل ، كلما اقتضى الموقف النفسي ذلك فكثيرا ما تبدأ الرواية من نقطةما ، لكن المؤلف يتقدم ويتأخر بإعطاء المعلومات عن شخصياته في رقعة زمنية كبيرة)
وروايات( تيار الوعي) هي روايات تكنيك ،والتكنيك الذي تقوم عليه بصفة رئيسية هو استخدام ( المونولوج الداخلي ) والوصف والرمز والاستفادة من جميع وسائل التأثير غير المباشر مثل التركيبات الموسيقية والرؤى التشكيلية وغيرها .
والرمز يعبر في هذه الرواية عن الحالات الذهنية القائمة على التصورات الغامضة التي تسقط عن الوعي وتجري فيه ولا يمكن التعبير عنه يطرق التعبير المباشر ، لأن عملية التداعي الذهنية لا تسير وفق تسلسل منطقي مرتب ، ولكنها لحظات سريعة وطارئة تتمثل على هيئة أفكار متتالية أو صور كثيرة لا يمكن السيطرة عليها أو إيقاف تدفقها لأنها بعيدة عن سيطرة العقل الواعي فهي تتم بصورة ناقصة أو مبهمة ولا تخضع لمقاييس العقل والمنطق . ولذلك يكون التعبير الرمزي الإيجابي معادلاً مكافئاً لها لأن الرمز يتمتع بقدرة هائلة على الإيحاء أو التلميح دون التصريح .
وقد أثر ظهور السينما على تكنيك رواية ( ظهور الوعي ) إذ ساعد ذلك في تصوير المكان وتصوير الشخصيات من الخارج ،ووجه الكتاب إلى كيفية التحكم في عملية تيار الوعي باستخدام وسائل التكنيك السينمائي ( المونتاج ، واللقطة المزدوجة ، والعرض البطيء والسريع ، والقطع المفاجئ واللقطات القريبة ( بانوراما ) والرجوع إلى الزمن الماضي فلاش باك ).
والهدف من استخدام هذه المؤثرات هو إظهار توارد الخواطر والأفكار وارتباط بعضها ببعض عن طريق توارد المناظر المختلفة بسرعة ،الواحد تلو الأخر ، وهي نفس الغاية لدى كتاب رواية الوعي .
كما تأثر اتجاه تيار الوعي بالموسيقى وذلك من حيث سرعة الإيقاع الذي يوازي التداعي السريع للأفكار في الذهن و الهارموني وهو ما يحدد تعدد الأفكار في الذهن وتقابل الألحان ويظهر في التعبير في الأمزجة والإيحاء الذي ينجم عن طريق العناية بالجمل من حيث الشكل والصوت .
أما تأثير الفن التشكيلي فيظهر في قدرته على تجميد اللحظة الآتية أو الزمن وامتزاج الألوان وانسجامها بين النقط التي تمثل اللوحة ولا تبدو بوضوح إلا إذا تأملها المشاهد عن بعد ليتمكن من استيعاب العلاقة بين الألوان وهو ما يقترب من الوصف الدقيق لما قد يبدو تافهاً في شطحات الفكر وتداعي المعاني الحر .
ومن الملاحظ بصفة عامة أن السمة المشتركة بين كتاب تيار الوعي هو ابتعادهم عن القص والسرد المباشر ،( فالرواية عادة تبدأ من نقطة معينة ، قد تكون هي قمة الإنفعال ، وقد تكون لحظة شديدة الهدوء في الظاهر ، ثم يستخدم الكاتب وسائله في الرجوع إلى الخلف ، والتقدم إلى الأمام ، ويظل القاريء في حالة من الإنفعال حتى ينتهي من قراءة العمل ، فيحاول إعادة ترتيبه في ذهنه إذا أراد أن يعرف " الحكاية " التي أصبحت غير موجودة، أو غير موجودة بالشكل التقليدي المألوف)
وقد تأثر بعض الروائيين العرب بهذا التيار الجديد في كتابة الرواية واستخدموه في كتابة رواياتهم ومنهم " نجيب محفوظ " في رواية ( اللص والكلاب ) و " جبرا إبراهيم جبرا " في روايته ( البحث عن وليد مسعود ) وكذلك " الطيب الصالح " في روايته ( عرس الزين ) .
وتشترك هذه الأعمال في ملامحها التي تتفق مع فكرة استخدام " تيار الوعي " (حيث يسيطر عليها تقنات هذا النوع من روايات " تيار الوعي " وهي استخدام المونولوج الداخلي المباشر ، والمونولوج الداخلي غير المباشر ، وتقنية الرجوع إلى الزمن الماضي ثم العودة إلى مرة أخرى إلى الحاضر بحيث يجد القارئ العادي صعوبة في متابعة الأحداث كذلك اللجوء إلى استخدام الرمز أو الصورة ذات الإيحاء الخاص وتكرار لازمة معينة لها دلالتها ومعناها الإيحائي ، كذلك استخدام النبط العادي والنبط الأسود للتفرقة بين السرد وما يدور في وعي الشخصية . واستخدام الأقواس للتعبير عمّا يجول داخل الشخصية أثناء الحوار حتى لا يدخل الحوار مع ما يجول داخل الشخصية ، واستخدام الجمل القصيرة ،والإيقاع السريع المتتابع ).
.ورغم تأثير رواية (تيار الوعي ) على الروائيين العرب فإن مظاهر التأثر بهذا التيار الروائي غالبا ماتكون غير كاملة ،أو بعيدة عما هو سائد في رواية "تيار الوعي" و قد يحدث في بعض هذه الروايات أن تتضمن الرواية فصولا تقليدية، وفصولا أخرى تسير على نحو مشابه لرواية تيار الوعي، كما أن السرد المباشر لايزال سائدا رغم اللجوء إلى طريقة تيار الوعي، أو استخدام وسيلة( الإستنارة ) في السرد بمعنى أن تقوم شخصيات مختلفة بوصف الشخصية المحورية وإعطاء بعض التفاصيل عنها ، وهي طريقة معروفة في الرواية الغربية، واعتمدها هنري جيمس في كثير من رواياته. وهو ما لجأ إليه الطيب صالح في روايته (عرس الزين) حيث تتم الرواية عن طريق عمليات تدعى(الإستنارة )، حيث استعان بمجموعة من الشخصيات للإدلاء بأراءهم وملاحظاتهم عن الشخصية الرئيسية في الرواية( ووسيلتها تقطيع الحدث واستخدام المونتاج)•.
وتعد رواية " نجيب محفوظ " ( اللص والكلاب ) أول رواية عربية سارت على هذا النمط الروائي الجديد ففيها اللازمة التي تتكرر في كثير من المواقف ، وسرعة الإيقاع ، والجمل الموجزة القاطعة ، واستخدام الكلمات الموحية التي تؤدي إلى تداعي المعاني .
كما استخدم فيها الكاتب الرموز والدلالات الموحية واتبع أسلوب التداعي وأنماط متعددة من المونولوج الداخلي واختار مكاناً واحداً للرواية يستعيض الكاتب بوحدته عن غيبة وحدةالموضوع بالإضافة إلى استخدام بعض المؤثرات الموسيقية والتاريخية . وتعتبر لذلك من أكثر روايات "نجيب محفوظ " تعقيداً لما تحتويه من الاستعارات والتراكيب المجازية فضلاً عن ما سبق ذكره من عوامل غريبة على القارئ العربي خاصة في وقت ظهورها.

الاثنين، 27 أبريل 2009

مقدمة عن الرواية الحديثة




مقدمة
يقول حنا مينة (عن الرواية أنها هي الجنس الأدبي الذي يملك مفتاح المستقبل وأنها هي مستقبل الأجناس الأدبية … هي ديوان العرب في القرن الحادي والعشرين)• .
والرواية الجيدة ليست حقيقية فقط ، بمعنى أن الأحداث التي تصفها لم تحدث حقيقة ولكن إذا كانت الرواية ناجحة فيجب أن يشعر المرء بأنه لو قدر لهذه الأحداث أن تحدث فإن هذا سيكون بالطريقةالتي نقلها لنا الروائي تماماً.
وهذا يقودنا إلى التفكير في مايقال عن الرواية من أنها هي النوع الأدبي الوحيد الذي لايزال في طور التكوين، لأنه لم يكتمل بعد . ولذلك فهو قابل للتجاوز والإضافة والتجديد، لأن شكله لم يستقر بعد بصورة نهائية ، هو والذي لايملك قوانين خاصة به . والذي يمكن استقباله دون صوت، أي بالقراءة.

.تعريف الرواية:
ما هي الرواية ؟
الرواية هي شكل خاص من أشكال السرد . هي سرد لأحداث ووقائع خيالية يحاول الروائي إلباسها مظهر الحقيقة وإقناعنا بواقعيتها، ..وهي بهذا المفهوم عند ميشيل بوتور تعد أرقى الأنواع الأدبية لدراسة كيفية تحول الواقع إلىخيا ل...وهو لذلك يرى أنها تعتبر بحق مختبر السرد الروائي .
وهي فن لديه إمكانيات كبيرة في التعبير يستفيد منها الروائي المتمكن في تنفيذ عمله الروائي بالصورة التي يريدها ، أو يطمح إليها وهذا لايعن أن الرواية فن ليست له أصول أو أنظمة ...ولكنه فن مرن وقابل للإستفادة من جميع التقنيات والإبتكارات. وهو فن ملتحم بالحياة ،يأخذ منها مادته ، ويستفيد من تنوعها واتساع مادتها كما يرتبط ويتشابك مع كل العلاقات الإجتماعية المتشابكة والتطورات التاريخية والنظريات العلمية والفنية والأدبية . وهي فن يستوعب كل صور الحياة وأشكالها ويضم كل ما يشتمل عليه هذا المجتمع من علوم وأساطير وموروثات وما يحركه من صراعات وقضايا واختلافات .
والرواية في تعريفها الأدبي هي نوع من" السرد النثري" كما عرفها ميشيل زيرافا في مقالته عن الرواية، وهي حكاية خيالية تعتمد على الخيال ولكن الخيال فيها هو خيال له طابع تاريخي عميق . وهي فن أدبي حديث يأتي على شكل خطاب موجه ليحدث أثرا جماليا بفضل استعمال بعض المحسنات في اللفظ والأسلوب والتركيب.
وحين بدأت الرواية في القرن السابع عشر كانت تغرق في عالم غريب من الخيال ، ولم يكن هناك أي ارتباط بين الواقع الذي يعييشه الروائي وبين ما يكتب عنه.. ، وما يحاول التفنن فيه من مخالفة للمألوف ، متعمدا البحث عن المضحك والمثير للإستغراب والعجب.
وكان ان ارتبطت الرواية بالخيال ،وبالحرية التي تمنحها المخيلة الحرة التي لايقيدها واقع أو يحدها منطق.


العناصر الروائية التي تكون الرواية:

يقول هنري جيمس(إن الرواية شكل صعب إلى أقصى حد. ..إنه شكل صعب جدا بالفعل ، ولكن الطريقة الوحيدة للسيطرة عليه هي أن ندعي دوما أنه ليس صعبا)
هذا ماقاله هنري جيمس فهل كتابة الرواية حقا بهذه الصعوبة ؟ وأين تقع صعوبتها؟..
يدفعنا هذا القول إلى التفكير في كيف أن فعل التأليف كان يعيتبر عملا شاقا عند كتاب مثال فيلدينج أو ديكنز أو ثاكري ، حين كان المؤلف الروائي يشعر بالمسؤلية الثقيلة نحو جمهوره ، ونحو الأدب نفسه . وحين كان على الرواية أن تقدم إلينا بشكل عمل كامل يشبع حاجة القاريء إلى اكتشاف عوالم جديدة مليئة بالقيم والمثاليات والصراعات التي تبدو واقعية ومشابهة للعالم الذي نعيش فبيه ،مع توفر المتعة وتحقيق الشعور بقدرة انتصار الفرد على ما يواجهه من مشاكل وظروف وأحداث، وتلخيص العبر والدروس وتوفير المادة الحكائية التي تشغلنا عن همومنا الذاتية وتبعدنا عنها ولو إلى حين.
مجالات الرواية وأنواعها:
بما أن الرواية كما عرفت ووصفت من قبل العديد من الدارسين والنقاد على أنها فن الحياة فإنها تستمد عناصرها من الحياة نفسها فمجالها هو التجربة الإنسانية ... وهي تأتي من التجارب التي عرفها الكاتب أو خبرها وهذا يتوقف على طبيعة الكاتب وبيئته الأولى وعلى قدرته على الغوص والنبش في أعماق النفس الإنسانية . وليس من الضروري أن يكتب الروائي عن واقع تجربة شخصية وإنما هو يستطيع الحصول على خبراته من واقع الحياة ومن مشاهداته وملاحظاته ومخالطته للآخرين والاتصال بهم. ولكنه عادة يكتب ليعالج موضوعا يشغلهأو يوافق هوى في نفسه، أولأنه يود عرضه من وجهة نظره هو مثلا ، وقد يكون حريصا على إلقاء الضوء عليه لغرض معين . ولذلك فهو يختار من المواضيع ما يستطيع الكتابة فيه ، وما يعرف عنه أكثر مما يعرف عن غيره في أحيان كثيرة ، وهذا يجعله ملما به من جميع النواحي ، أهمية الشكل الروائي :
تتكون بنية الشكل الروائي من عدة عناصر أهمها المكان والزمان والشخصية ، هذه العناصر الثلاث تدعى (بالفضاء الروائي) كما أطلق عليها حسن بحراوي في كتابه (بنية الشكل الروائي) 1990و قد جعل هذا الفضاء الروائي عنصرا فاعلا في الرواية، لأنه كما ذكر يتميز بأهمية كبيرة في تأطير المادة الحكائية ، وتنظيم الأحداث .ثم تأتي بعد ذلك عناصر أخرى هي الحادثة والفكرة والأسلوب وطريقة عرض الرواية.
ويشمل الشكل الروائي أيضا الأسلوب الذي تقدم به الرواية هذا الأسلوب الذي ينبع من مفاهيم الفن والجمال
وقد يحاول الإلمام به أثناء معالجته لروايته، أو وهو في طور الإستعداد لكتابتها.
الحبكة الروائية
المقصود بالحبكة مجموعةالحوادث التي تجري في الرواية ،والتي تنسج منها خيطا متواصلا يؤدي كل جزء منها إلى الآخر في وحدة عضوية بنائية متكاملة بحيث تجيء النهاية نتيجة طبيعية لأحداث متوالية ، وليست دخيلة عليها أوخاضعة لعملية الصدفة التي يخلص بها الراوي أحيانا نفسه من مشكلات القص . فالحبكة إذن هي الجانب المعنوي من الأحداث، ولا تنفصل عن الشخصيات، وطريقة السرد والحوار وهي كما عرفها الدكتور محمد يوسف نجم بقوله (إن حبكة القصة هي سلسلة الحوادث التي تجري فيها مرتبطة عادة برباط السببية)• ولا بد من وجود ترابط بين أحداث الرواية وأن يكون هنالك صراع من أي نوع كان حسب أحداث وموضوع الرواية ينتهي إلى نتيجة مقنعة وبطبيعة الحال يتم هذا الصراع داخل البيئة ويعتمد الروائي في إبرازه على الشخصيات التي اختارها وصورها بطريقة تلائم الأدوار التي وضعها لها
ولنحاول فهم معنى الحبكة لابد أن نعرف أولا أنها ليست واحدة فهناك ما يدعى
بالحبكة المكفككة، والحبكة المتماسكة:
فالحبكة المفككة تأتي حين تبنى الرواية على سلسلة من الحوادث أو المواقف المنفصلة وفيها يقدم لنا الكاتب مجموعة من الحوادث الممتعة يجمع بينها رباط خفي نكتشفه في نهاية الرواية أو بعد الفراغ منها ومن أمثلتها (الحرب والسلام ) لتولستوى و (زقاق المدق ) لنجيب محفوظ .وقد لاتكون حبكة الرواية موفقة كما هو الحال في رواية جين"إير" مثلا حيث يغلب عليها عامل الصدفة والإفتعال على تنظيم الأحداث. وليس مقصودا بالحبكة المفككة انها غير جيدة ولكن المقصود هو انها لا تعتمد على حدث واحد متواصل يبدأ من نقطة واحدة ويسير بطريقة طبيعية حتى يبلغ مداه ولا ترتكز على موضوع واحد يعالجه الكاتب بتعمق وعناية بالغة فلا يغفل عنه لحظة أو يتركه وينشغل بمعالجة غيره من الأحداث .
الحبكة المتماسكة تتوفر داخل عمل روائي يعتمد على حوادث مترابطة يحكم الكاتب فيها قبضتة على الموضوع الذي يريد التعبير عنه فلا يتسرب منه أو يفلت من بين يديه شيء من الأحداث أو المواضيع التي تدور حوله، ولايترك هذا الموضوع حتى يصل به إلى الغرض المنشود . وقد تتحول هذه الحبكة إلى عمل آلي مثل ما هو حادث في رواية ( السراب ) لنجيب محفوظ التي بنيت حبكتها على عقدة أوديب .

"الحدث الروائي
الرواية هي حكاية خيالية تروى بأسلوب أدبي نثري، وهذه الحكاية هي حدث أو مجموعة حوادث تحدث لأشخاص ، ولا بد من وجود حدث أو مجموعة أحداث مترابطة لتكوين رواية بالمعنى المفهوم للرواية.وخلال العمل الروائي تتكون مجموعة من الأحداث والوقائع الجزئية ترتبط ببعضها البعض على نحو خاص لتكون الإطار العام للرواية . فنحن حينما نتحدث عن رواية ما يكون أول ما نذكره عنها أنها تتحدث عن فكرة ،وما يدور من أحداث لإبرازتلك الفكرة وتوضيحها . والإطار هو الحبكة التي ترتبط بالسرد المتماسك ، فالحدث نفسه يرتبط بالسرد ولذلك فإنه يمكن تعريف الحادثة الفنية كما يلي( هي تلك الساسلة من الوقائع المسرودة سردا فنيا والتي يضمها إطار خاص ) • والحدث لا يقدم جاهزا وإنما ينموويتطور ويتشكل من خلال مجرى الرواية، وقد تتعقد الأحداث فينشأ عنصر التشويق والرغبة في معرفة النتائج.ولابد من تكامل الحدث وتصويره مع الشخصية ، كما لابد أن يكون متعددا وله جوانب مختلفة ، وقد تتشابك الحوادث مكونة فيما بينها العقدة أو الحبكة الدرامية للعمل الروائي. والروايات التي تعتمد على عنصر الحوادث تسمى روايات المغامرات أو الروايات البوليسية التي لاتعتمد على الشخصيات بل على الأحداث وتسلسلها وما ينتج عن ذلك من مفارقات ومفاجآت .وقد تكون الأحداث تاريخية تشكل مادة للكاتب الذي يريد تصوير حقبة معينة من الزمن وتصبح الرواية هنا تاريخية في موضوعها ومقاصدها.
أسلوب الرواية

الأسلوب هو الوسيلة الأدبية التي يختارها الكاتب لتوصيل المعاني والأفكار التي يريدها القارئ . وقد قسمه الناقد " رتشارد ز " إلى أربعة أقسام المعنى والإحساس والإيقاع والقصد .
فالإحساس هو موقف الكاتب من المعنى الذي يريد نقله، والإيقاع هو إختيار الكلمات المناسبة لتصوير المعنى والقصد هو الغاية التي يسعى إلى بلوغها و " فلوبير " يقول عن ذلك : ( مهما كان الشيء الذي يسعى الإنسان للتعبير عنه ، فإن هناك كلمة واحدة تعبر عنه . وفعلاً واحداً يوحي به وصفة واحدة تحدده ولهذا على الكاتب البحث والتنقيب حتى يعثر على هذه الكلمة وذلك الفعل وتلك الصفة )
وعملية الكتابة هي كما قال بروست : ( ليست سوى عملية ترجمة ،وهذه هي مهمة الكاتب أن يترجم أحاسيسه وانفعالاته وأفكاره إلى كلمات معبرة ) .
وفي ذلك يقول ميشيل بوتور:) الرواية هي شعر يقرأ ، كما أن الرواية المنظومة هي شعر يغنّى( ).




الاتجاهات الحديثة في الرواية

في الحقيقة فإن تاريخ الرواية الحديثة بدأ في التبلور والبروز مع ظهور الطبقة الوسطى (البورجوازية) في القرن التاسع عشر نتيجة للمتغيرات الإجتماعية والإقتصادية . ومن هنا اعتبرت الرواية ( ملحمة بورجوازية). أي انها الفن الذي يعبر عن هذه الطبقة ويحكي عن متاعبها ومشاكلها وما تعانيه من مآس وهموم .وابتداء من هذه الفترة ظهرت أجيال من الروائيين العظام في الأداب المختلفة، منهم ستاندال وزولا وفلوبير وبلزاك في الأدب الفرنسي وغوركي ودوستويفسكي وتولستوي في الأدب الروسي ، وديكنز وثاكري وجين أوستن وغيرهم في الأدب الإنجليزي.
ثم بدأت ثورة التجديد في الروايةالتقليدية مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وظهرت طرق جديدة في كتابة الرواية، واتسعت مجالاتها وظهر كتاب أكثر مرونة ووعيا بمتطلبات الرواية من أمثال جورج مور ووليم فوكنر وجوزيف كونوراد وصمويل بتلر وغيرهم.
وجاء القرن العشرون بجيل جديد من الروائيين أهمهم مارسيل بروست وجيمس جويس وفرجينيا وولف صارواروادا للإتجاه الجديد الذي يطلق عليه ( تيار الوعي ) والذي انتقل فيه محور الرواية من الخارج إلى الداخل، وبعد أن كان الطابع الأساسي للرواية هو تسلسل الأحدث ، وتفاعل البطل مع الأحداث ، أصبح اكتشاف العقل الباطن للإنسان هو مثار اهتمام الروائيين ، وكان للنظريات الجديدة في علم النفس في ذلك الوقت أثرها الكبير على هذا الإتجاه الروائي الحديث.
وفي منتصف القرن العشرين ظهرت الرواية العبثية ، مع ظهور المذهب السريالي الأدبي وانتشار المذهب الوجودي في فرنسا على يد كتاب من أمثال جان بول سارتر ، وسيمون بوفوار، والبير كامو وغيرهم وكولن ويلسون ,وازدادت حركة التغيير في الإتجاه الروائي وضوحا مع تطور مسرح اللامعقول الذي كان صمويل بكيت أول من سار عليه. وقدانتشرت هذه الموجات الأدبيةالجديدة في أنحاء أوروبا ،وقلدها بعض الكتاب العرب مثل توفيق الحكيم في مسرحيته الشهيرة ( ياطالع الشجرة).
وهذا كله أثر على طابع الرواية الحديثة، وكان من جراء ذلك ظهور بعض الروايات ذات المضامين المختلفة عن الرواية التقليدية. وتبع ذلك عدد من الأعمال الروائية الحديثة التي تغيرت فيها قواعد الرواية التقليدية شكلا ومضمونا فلم تعد هناك قواعد معينة تسير عليها الرواية ،من ناحية السرد أو الوصف، وحتى الشخصيات أصبحت عديمة القيمة.
وبعد ظهور عدد من الأعمال الروائية الحديثة أعتقد الناس أن عهد الرواية بمعناها التقليدي قد أنتهي ( قصة - حبكة -شخصيات -زمان ومكان ) .



من بحث كامل نشر في جريدة البلاد على حلقات

قراءة لرواية ( لم أعد أبكي )

امبرتو إيكو قال في أحد حواراته : ( ينبغي للعنوان أن يشوش الأفكار وليس أن يوحدنا. ).. بمعنى أن يكون لكل قاريء للنص الأدبي حق التأويل والتفسير واكتشاف المعنى المقصود من وضع هذا العنوان
إذن فالعنوان هو مفتاح تأويلي للنص المكتوب .. والعنوان الذي لايحمل تشفيرا أو ترميزا لوضع أو لحالة ما تجعل القاريء شغوفابمعرفته واكتشافه سرعان مايتلاشى من الذهن بعد قراءة العمل الأدبي ..
إذ على العنوان أن يحمل مجازا أو دلالة خاصة قائمة على آلية المفارقة مثلا ، أومن أجل لإحداث أثر دلالي معين، أو يكون متشظياً، أومنفتحاً على احتمالات شتّى يتساءل عنها القاريء وهو غارقٌ في متعة القراءة والإستكشاف .

هذه الدرجة العالية من الوضوح في صياغة العنوان في رواية زينب حفني الجديدة ( لم أعد أبكي ) يُعدُّ اختصارا لمضمون العمل الروائي ، ومن جهة ثانية فهو مؤشر لمسيرة ذلك العمل ... وواشيا بنهايته .
ندخل رواية ( لم أعد أبكي ) ونحن نتوقع حدوث ماسيحدث بناء على العنوان الواضح الفاضح .
ومن الصفحة الأولى نلتقي بالبطلةغادة الموصوفة بالجمال والفتنة كبطلة رواية عربية تقليدية .. وبأنها صاحبة حس فني محبة للأدب وهذا يجعلنا نتعرف أيضا على الأدباء الذين تقرألهم وعن إعجابها بهم وبعد هذه المقدمة تتحول البطلة إلى ساردة لحكايتها الشخصية ... حين تفتح دفتر مذكراتها لتقرأ لنا عن ولادتها ونشأتها.. وبالتالي نكتشف ماأخفته لسنوات بداخل صدرها من أسرار خاصة ... فقد نم الإعتداء على براءتها من قبل الحارس اليمني وهي طفلة لاتفقه مايدور حولها... ثم .
في الحقيقة بحثت عن البكاء الذي توقف في النهاية حسبما يقوله لنا العنوان ..فلم أجده إلا في لحظات قليلة وسريعة ...وربما وجدته في بكاء الأم لحظة وقوع الطلاق ... والذي أدى بدوره إلى حدوث بقية الأحداث.. ومما نتج عنه جاء عنوان الرواية ....
الذي لم يكن موفقا.
السرد في الرواية جاء سريعا ومتلاحقا كما يحدث في القصص الطويلة نوعا ما والتي تعتمد على السرد الحاف .. أي بسرد الأحداث دون اهتمام بالشكل ولاباللغة .... ولعلَّ ذلك يعود إلى ربما أنَّ الكاتبة أصلا قاصة تفليدية، وكاتبة مقالة قبل أن تكون روائية . لذا تخلولغة الرواية من تلك الطاقة الشعرية المنفلتة من عقال اللغة والتي أصبحت هي أسلوب الرواية الحديثة حيث الصور الشعرية والتكثيف اللغوي والإيحاءات الموصلة.
هي لغة سردية تفتقر إلى الرهافة التي تنشأ من مزج جميع الوسائل التى تكفل للنثر نشاطاً جمالياً .. بحيث تأتي الجملة السردية قريبة من الجمل الشعرية الغنائية ، وحيث التصوير المجازى ، والثراء الصوتي والإيقاع الموسيقى والألفاظ الموحية

تقنيةالسرد في الرواية جعلتنا نرى المواقف والأحداث باتباع تقنيتين في السرد حيث المؤلفة تقوم بتعريفنا بالبطلة من الخارج ومن الداخل ..حيث الراوي العليم بكل شيء في الماضي والحاضر، وبمايدور في عقول الأبطال ، وما يختلج في أذهانهم من أفكار وهواجس ومشاعر... ثم تأتي البطلة التي تحكي لنا بدورها عن ذاتها وماحدث لها .. ، من وجهة نظرخاصة بها.. ..وما حدث لصديقتها نشوى متقمصةً هي أيضا دور الراوي العليم العارف بكل شيء...وبعدها تأتي المؤلفة لتكمل الباقي هذا يوضح لنا أن المؤلفة لم تستطع أن تلعب لعبة السرد بإتقان ؛ فقد جاء على شكل حكاية تسردها لنا المؤلفة تارة وتارة البطلة كأهم جزء في الحكاية .. وهذا النوع من السرد يطلق عليه سرد وجهات النظر... وهو هنا يدعم وجهة نظر واحدة ...هي وجهة نظر الراوية ومعها المؤلفة التي تقف إلى جانبها .
وتبدأ الحكاية مع مولد البطلة التي حكتها لنا بنفسها والتي كانت واعية بيوم مولدها ومايرمز له من أهميَّة ... مطَّلعة على الأحداث التي كانت تدور حولها ... وهذا فخ يقع فيه الراوي حين لايكون ماهرا بتقنيات السرد وأحواله... وتبدأ عقدة الرواية في التكوُّن منذ أن عرفنا مشكلة بطلتها التي تجد نفسها وحيدة مع طلاق والدتها وهي في سن صغيرة .. حيث لاتجد من تلجأ إليه سوى الحارس اليمني الشاب الذي يتلقفها ويستفيد من خوفها وصدمتها بماحدث .... ومن هنا تبدا الأحداث في التبلور والوضوح ... ومع الوقت وكما تحكي لنا الراوية فإنها تجد لعبة الجسد التي علمها لها الحارس لعبة ممتعة تتقبلها ..بل وتطلبها من ذات نفسها..!
.
الغريب أن من اعتدى عليها وافقدها عذريتها بعد أن نضجت قليلا وهو الحارس اليمني الفقير يصبح في نظرها حبيبا تخلى عنهابسفره إلى بلاده ..ـ لعله هرب خوفا من انكشاف فعلته ـ وبذلك تبدأ في التحدث عن مأساتها المتخيَّلة مع الرجال الذين يتخلون عنها ويتركونها تتحمل وزر الخطأ وتبعاته...
وتكبر الفتاة ومعها سرها ويكبر حنينها للرجل الأول في حياتها ..لاأثر لبكاء أو تأنيب ضمير ... فقط خوف من الزواج حتى لاينفضح أمرها أمام الزوج المستقبلي الذي قد يفشي سرها أو يتخلى عنها ..
وبعد أن تخبرنا البطلة بما يؤرقها ..تأخذ الكاتبة بناصية السرد لتكمل لنا الحكاية ... فغادة تتخرج من الجامعة وتعمل مسؤولة مكتبة في مدرسة متوسطة .. ثم تترك عملها رغم معارضة الأب الذي كان مختفيا طول الوقت ..وتعمل بالصحافة وطبعا لايحلو العمل في مجتمع مختلط إلا إذا كانت هناك علاقة حب ..وهكذا فإنها تحب نائب رئيس التحرير .. وبعد التعارف والخروج معه عدة مرات تعترف له بسرها ..ولاتبخل عليه بشيء مما يتوق إليه الرجل في علاقته بالمرأة ... ولم نرها هنا أيضا تبكي أو تندم ... وفي نفس الوقت تكون معجبة بشخص آخر تتوقع أن يتزوجها ... خاصة بعد أن هاجر من كانت تحبه ويحبها والذي تخلى عنها أيضابعد أن عرف سرها وبعد أن تمكن من الأستفادة من هذا السرِّ لصالحه . .... ولايوجد هناأثر لبكاء ... هناك بعض الحزن لمأساة الحبيب وتعرضه للإضطهاد والتعذيب الشديد لسبب غير معقولوغير منطقي ... وبسب ذلك كان لابدَّ له من الهجرة إلى بلد آخر ..! ...وبسبب هجرته التي باتت ضرورية كما أقنعهاكان لابد له من التخلي عنها ... وطبعا تألمت ..ولكنها الأمر لم يحزنها كثيرا.. فهناك شخصٌ آخر تعرفت عليه وتتوقع أن يتزوجها .. ولايبدو أن لديها أي مشكلة في أن يعرف سرها الذي أبكاها العمركله... لانعرف نحن القراء ولالزوم فيما يبدو لكي نعرف ....
ولكننا نفهم أن أملها في الزواج من هذا الرجل جعلها تتوقف عن البكاء .... ذلك البكاء الذي لم نشعر به من خلال رحلتنا داخل هذه الرواية وداخل فكر بطلتها السطحية التي لم تفلح الكاتبة في جعلها تبدو أكثر عمقا ووعيا رغم الصفات التي خلعتها عليها كجامعية عاملة في ميدان الصحافة والإعلام ... ولم تجعلنا نحترمها أو نحترم زميلاتها التافهات في القسم الذي تعمل به ... ولاصديقاتها ومعارقفها من النساء : نشوى المتحررة إلى درجة الإنحلال ... وراوية الفنانة المعقدة بسبب عنوستها ..رئيستها في القسم الشريرة ، والزميلات التافهات

بقي أن نقول أن الأحداث لاتبدو كلها منطقية ... فالرجل الذي يطلق زوجته لايترك لها هي وإبنتها الوحيدة فيلا فخمة بسيارة وسائق وحارس للحديقة ثم يختفي فلا نسمع عنه إلا سطورا قليلة توحي بوجوده مع زوجته الأخرى وأبنائه منها .
كذلك مسألة سجن تعذيب نائب رئيس التحريربسبب بعض كتاباته أعتقد أنه مبالغٌ فيها ... عادة يمنع الكاتب من الكتابة إذا كتب مالايناسب الأوضاع ... وقد يسجن لفترة إذا كان ماكتبه يسبب ضررا أو يثير قلقا أو مشاكل معينة ... كذلك إظهار الفتيات العاملات في الصحافة أو اللواتي يزوجهن أهلهن لرجال غير مناسبين بهذا الشكل المحرف أو القابل للإنحراف بسهولة يخالف القصد الذي أرادت الكاتبة إظهاره من كتابة هذه الرواية حيث كان القصد فيماأرى إظهار وضع المرأة في بلدنا كمضطهدة محرومة من الحرية ومقيدة وسجينة لاتملك من أمرها شيئا ... وكذلك مهددة بالطلاق ... ولايغفر لها المجتمع زلاتها ...وهكذا. ورغم مرارة الشكوى والنقدالموجه للمجتمع ... فالبطلات الثلاث الرئيسيات لديهن الحرية الكافية للتعرف بالرجال الإختلاط بالرجال في الحفلات والمناسبات أو من ناحية إقامة المعارض ودخول ميدان العمل الصحفي الميداني ... بل وحرية مقابلة الحبيب ...بل وماهو أبعد من ذلك .... وهو حرية إقامة علاقات جنسية دون حاجة للزواج إما من أجل المال واللهو ... وإما من أجل الإستمتاع بالحب فقط مثل مافعلت البطلة التي مرت بتجربة الإعتداء على براءتها ..ثم هجران الحبيب الثاني بعد أن عرف سرها وأخذ منها مايريده دون عناء .. وبالتالي صارت صلدة وقوية فلم يعد يبكيها شيء.
أهذا مايريد لنا العنوان أن نفهمه ؟
) .

التعريب في لغتنا العربية

التعريب في لغتنا العربية ....كيف بدأ.... من أين جاءت هذه الكلمات الدخيلة ....كيف امتزجت بكلمات اللغة العربية فصارت جزءا ً منها؟
لقد اتصل العرب في جاهليتهم بالأمم واحتكت لغتهم بلغة هؤلاء الأقوام وهو أمر طبيعي فمن الأمور التعذرة أن تظل لغة من اللغات بمأمن من الإحتكاك بلغة أخرى ، واحتكاك اللغات ضرورة تاريخية وهذا الإحتكاك يؤدي إلى ، امتاز بها الفرس والرومان ونقلها العرب عنهم .

هذا ماحدث للغة العربية مع جاراتها من اللغات الأخرى وقد ظهر هذا التأثير في الناحية المتعلقة بالمفردات فكثر اقتباس الكلمات من اللغات الأخرى بسبب الحاجة إليها أو بسبب كثرة تداولها ....ويطلق على هذه الكلمات الدخيلة إسم ( الكلمات المعربة)، كما يطلق على عملية الإقتباس من اللغات الأخرى إسم ( التعريب) وهذا يعني أن الكلمات المستعارة أو المأخوذة من لغات أخرى لم تبق على حالها وإنما طوِّعت في بنيتها وأصواتها للنهج الذي تسير عليه اللغة العربية.وكان هذا هو دأب العرب يأخذون الألفاظ والكلمات التي يحتاجون إليها من اللغات الأخرى فتجري على ألسنتهم بعد أن يكونوا قد نفخوا فيها من روحهم العربية ، ويأتي الشعراء قيتلقفونها ويدخلونها في أشعارهم فتأي مرصعة بهذه الكلمات كما نلحظ في شعر الأعشى ميمون بن قيس الذي كان يكثر في شعره من ذكر اليرندج والبستان والبنفسج والخوان والمرزبان ...وهي كلها كلمات معربة

ومن الكلمات التي دخلت العربية :الشرطة ، الديوان

وكان السلف الصالح من الصحابة والتابعين يدرك ذلك تماما فقد روى عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وغيرهم في أحرف كثيرة من القرآن أنه من غير لسان العرب، مثل سجيل ، والمشكاة، واليم ، والطور، وأباريق ، واستبرق، وغير ذلك

وهذا ماجعل طائفة من المسلمين تنكر وقوع المعرَّب في القرآن .فهذا أبو عبيدة معمَّر بن المثنى يقول: من وقال البعض أن هذه الألفاظ عربت فصارت عربية لأن الله سبحانه وتعالى يقول :( إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) بينما يقول البعض الآخر أن هذه الألفاظ قد عربت فصارت عربية لأنها أصلا كانت على لسان غير لسان العرب ثم لفظت به العرب بألسنتها فصارت عربية ، فهي عربية في هذه الحال وإن كانت من أصل أعجمي .والكلمات المعربة غالبا ماتدل على شيء لم يكن في العربية من قبلوإنما هو وافد مع إسمه من البيئة الأخرى كما وفدت علينا في عصرنا الحاضر كلمات مثل : تليفون ، راديو، تليفزيون، انترنت ، وهي كما نرى كلمات وفدت مع أجهزتها.وهناك كلمات من أمثال : اسبيرين انترفيوفورم، سلفاديازين ...وهي من أسماء الأدوية .ومعظم ماانتقل إلى العربية من المفردات الفارسية واليونانية ، يتصل بنواحي مادية أو فكرية وهكذا

وقد وضع العرب علامات يعرف بها المعرب في العربية ، اسنتنتجوها من مقارنة نسج الأ لفاظ العربية بنسج هذه اللفاظ المعربة وهي كالتالي:

اجتماع الصاد واجيم ؛ مثل : جص ، وصولجان

اجتماع الجيم والقاف؛ مثل : المنجنيق، الجوالق، الجرموق

اجتماع الباء والسين ؛ مثل: البستان

وقوع الراء بعد النون؛ مثل نرجس، ونرسيان

وقوع الزاي بعد الدال؛ مثل : المهندز

خلو الكلمة الرباعية والخماسية من حروف الذلاقة ( فرمن لب) ؛ مثل عقجش

خروج الكلمة عن الأوزان؛ مثل: إبريسم

مسألة قصيدة النثر

مسألة قصيدة النثر ...والتخلص من القافية ..وقصيدة التفعيلة الواحدة هي من المسائل التي تثير جدلا واسعا بين صفوف النقاد والمثقفين ...نعرف نحن أن الشعر الكلاسيكي أو العمودي يخضع لشروط معينة منها الوزن والإلتزام ببحور الشعر، والإلتزام بالقافية الواحدة أو عدة قوافي متنوعة ولكنها تسير حسب طريقة معينة ...وهذا هو الذي كان سائدا ومعروفا وقد برع في ذلك الشعراء العرب الكبار فكانوا يوافقون بين هذه الشروط وبين متطلبات الشعر ودوافعه من خيال وتصوير للأحاسيس والمشاعر وتعبير عن أفكار فلسفية أو حياتية أو غير ذلك ..ثم أخذ الشعر التقليدي في الإنحدار فصار الشعراء والمتشاعرون يخوضون ميدان الشعر دون موهبة أو قدرة وتمكن فجاء الشعر العمودي ملتزما بقواعد القصيدة الأساسية ...ولكن دون أن تحتوي القصيدة على تلك المشاعر الجميلة أو الصور الموحية أو التحليق في عوالم الشعر الحقيقة ...وانتبه الأدباء والشعراء العرب إلى جمال المعاني والصور في القصيدة الغربية فقلدوها ..ودعاهم ذلك إل التخلي عن كل ماتعلموه ودرسوه عن قواعد الشعر التقليدية ،وعن القافية واستقلال البيت الشعري بمعناه وغير ذلك ...واقبلوا على قصيدة النثر التي تخلو من كل قيود الشعر بما في ذلك التفعيلة والإيقاع الشعري لسهولة كتابتها ...فجاءت القصائد الناتجة عن ذلك مشوهة غريبة وكثيرا ما تفتقد إلى جمال المعنى وحسن استخدام التشبيهات والإستعارات وغير ذلك مما تتميز به قصيدة النثر في الغرب .
وهذا ليس دفاعا عن القصيدة العمودية أو اتهاما لقصيدة النثر بالمروق والخروج عن أعراف الشعر ومناهجه ..وانما هو توضيح لملابسات خروج هذه القصيدة وعدم توفيق أتباعها بمن فيهم أدونيس نفسه زعيم شعراء الحداثة في كتابتها .....هذا لاينفي أن بعض الشعراء العرب وفقوا في كتابتها ...من هؤلاء أمل دنقل والبياتي وسعدي يوسف وغيرهم ...ولاتحضرني أسماء لشعراء خليجيين الآن
.
شعر التفعيلة أو قصيدة التفعيلة هي ( نص أدبي مجزأ إلى وحدات هي الأبيات ) كما عرفها الكاتب مصطفى حركات في مؤلفه ( الشعر الحر : أسسه وقواعده) وهو اتجاه جديد في الشعر العربي جاء كاختيار ثالث بين الشعر العمودي والشعر غير الموزون أي ما يسمى بقصيدة النثر التي لاتخضع لأي وزن شعري .أما شعر التفعيلة فإنه يخضع في الواقع لقيود الشعر ويسير الشعراء في نظم أبياته على بحور الشعر ولكن ليس بنفس الطريقة المألوفة ، ففيه يكتفي الشعراء باستعمال تفعيلة واحدة غالبا ...واهذا معناه لإكتفاء بالبحور البسيطة أو الصافية وهي البحور التي ينتج وزنها عن تكرار تفعيلة واحدة وهذه البحور هي :
الوافر- الكامل - الهزج- الرجز- الرمل- المتقارب - المتدارك.
هذه البحور تحتوي كما هو معروف لدى الدارسين على الأسباب والأوتاد ماعدا الوتد المفروق .وكما يعرف دارسي الشعر والشعراء أن السبب هو عبارة عن حرفين فالسبب الخفيف هو متحرك بعده ساكن مثل منْ ولمْ، والسبب الثقيل هو متحركان متتابعان مثل بمَولمَ. أما الوتد فهو وتد مجموع ووتد مفروق فالوتد المجموع عبارة عن متحركين وساكن مثل هنا ونعمْ والوتد المفروق متحرك ثم ساكن ثم متحرك مثل مات ، وعْـــد
إذن بحور الشعر المستعملة في هذه القصيدة هي أجزاء البحور الصافية وهي:
فعولن ، فاعلن ، مفاعلتن ، مفاعيلن، مستفعلن، فاعلاتن
مع الإعتماد على الزحاف وهذا معناه تغيير التفعيلة بالحذف أو التسكين في الأسباب أو العلل وهي تختص بالأسباب والأوتاد، وهذا التغيير يقع في التفعيلة الأخيرة من البيت وغالبا ما يكون بإضافة ساكن إلى نهاية التفعيلة. ويلاحظ أن الكثير من شعراء قصيدة التفعيلة يستخدمون بحر المتدارك وهو البحر السادس عشر من بحور الشعر وذلك لسهولته وهو ياتي هكذا:
فاعلن فاعلن فاعلن ..................فاعلن فاعلن فاعلن
وفي هذا البحر تأخذ التفعيلة أيضا الشكل التالي :
فعلن فعلن فعلن .................فعلن فعلن فعلن
وقد يضاف ساكن في نهاية البيت فتصبح التفعيلة فاعلان أو فعلانْ وقد تصبح بعد الترفيل فاعلاتنْ . والقصيدة التالية لسميح القاسم كمثال توضح كيفية استعمال هذه التفعيلة مع الخبب في بعض أبياتها
مادامت لي من أرضي أشبارا
مادامت لي زيتونة
ليمونة...
بئر وشجيرة صبَّار..
مادامت لي ذكرى
مكتبة صغرى
صورة جدِّ مرحومٍ ...وجدار
مادامت في بلدي كلمات عربية
وأغان شعبية!
وهذه هي التفعيلة المستعملة :
فعْلن فعْلن فعْلن فعلاتنْ
فعـْلن فعـَلن فعلاتن
فعْلاتن
فعْلن فعْلن فعلاتان
فعْلن فعْلن فعْلن
فاعل فعـْلن فعْ
لــن فعـْلن فعـْلن فعْلن فعلان
فعـْلن فعـْلن فعلن فعلن فاعل فعـْلن
فعلن فعـْلن فعــْلن
والملاحظ تغير عدد التفعيلات من بيت إلى بيت
وأهم قصيدة ظهرت في شعر التفعيلة العربية هي قصيدة (الكوليرا ) لنازك الملائكة وكانت كما يقال هي القصيدة الأولى في هذالنوع من الشعر بينما يقول البعض أن الشاعر العراقي شاكر السياب في ديوانه المعروف هو أول من ابتدع أشكالا جديدة في الشعر العربي بقصيدته (هل كان حباًّ) التي نشرت في ديوانه ( أزهار ذابلة) وقد صدر هذا الديوان عام 1947 وهي نفس العام الذي صدر فيه ديوان نازك (شظايا ورماد) وفيه عدد من قصائدها التي سمتها قصائد حرة .
وعلى كلٍّ فإن شعر التفعيلة لايعتبر إبنا عاصيا للشعر العمودي التقليدي؛ وإنما هو شعر يبحث عن التجديد والتغيير دون الخروج عن وصاية الأب الأكبر وهو الشعر العربي التقليدي بأوزانه الثابتة وقافيته الواحدة ومعانيه المعروفة
وهناك قصائد جميلة جدا كتبت على هذه الأوزان الشعرية لشعراء كبار أمثال البياتي وبلند الحيدري وأمل دنقل و للسياب والبردوني وغيرهم.
وفي الوقع فإن لكل قصيدة جمالها وقيمتها الأدبية سواء أكانت كتبت على النهج التقليدي كقصائد المتنبي والمعري وأحمد شوقي وغيرهم من شعراء العربية العظام أو كتبت بالشكل الشعري الجديد الذي يناسب إيقاع هذا العصر ومتطلباته، وتبقى للمعاني الرفيعة وحسن اختيار الوزن والبحر الشعري المناسب والألفاظ الجيدة والجميلة التي تناسب المعنى وتوضحه ....أهمية قصوى في تحديد مدى جمال القصيدة وشعرية قائلها .



ولمن يهمه الأمر فإن السبب مقطع صوتي من حرفين وهو نوعان :

السبب الخفيف :هو اجتماع حرفين .متحرك فساكن مثل : لمْ ، في، لوْ

السبب الثقيل : هو اجتماع حرفين متحركين مثل لِمَ ، بِكَ، لَكَ
والتد هو مقطع صوتي مؤلف من ثلاثة أحرف وهو نوعان:

الوتد المجموع : هو اجتماع حرفين متحركين بعدهما حرف ساكن مثل : على، نعمْ

الوتد المفروق : هو اجتماع حرفين متحركين بينهما حرف حرف ساكن مثل : قام، ليْتَ

والفاصلة معناها مقطع صوتي مؤلف من أربعة أحرف أو خمسة وهي نوعان:
فاصلة صغرى : وهي اجتماع ثلاثة أحرف متحركة بعدها حرف ساكن مثل: كتبتْ، رجعوا
فاصلة كبرى : وهي اجتماع أربعة أحرف متحركة بعدها حرف ساكن مثل : وَهَبنَا ، يصلَكمْ
أما التفاعيل التي تكون بحور الشعر فهي ثمان إثنتان منها خماسيتان ، أي تحتوي على سبب وووتد
وست سباعية أي تحتوى كل منها في مقاطعها على أسباب وأوتاد مجموعة أو مفروقة وفواصل وهي في مجموعها كالتالي :

فعولن-ــ فاعلن-ــ مفاعيلن -ــ مفاعلتن -ــ متفاعلن -ــ مستفعلن -ــ فاعلاتن -ــ مفعولات


ومنها تتكون بحور الشعر الستة عشر بالتزاوج بينها او بالتكرار للتفعيلة الواحدة


ولمن يريد الإستزادة توجد بعض المراجع المبسطة منها:
1- الشعر الحر، أسسه وقواعده تأليف مصطفى حركات
2- ديوان أزهار ذابلة لبدر شاكر السياب تحقيق حسن توفيق صدر عام 1981
3- صفحات من حياة نازك الملائكة للكاتبة حياة شرارة
4- دراسات نقدية في أعمال السياب ، حاوي دنقل ، جبرا
وبالنسبة لعروض الشعر وموازينه ،هناك عدد من الكتب في هذا المجال ومن أهمها وأكثرها سهولة كتاب ( معالم العروض والقافية) للدكتور عمر الأسعد صدر عن مكتبة العبيكان بالرياض عام 1994:

الفرق بين القصيدة والأنشودة

أحيانا قد يتساءل البعض عن الفرق بين نظم القصيدة ،وبين نظم أنشودة وطنية أو مناسبة لحدث معين أو تتناسب ومدارك الأطفال.... ونعرف كم تؤثر الأنشودة على تفكير الطفل ... وكيف يمكن عن طريقها تسريب أفكار تربوية أو تعليمية معينة ...وللقصيدة العربية التقليدية شروط تسير عليها ...ومن هنا ينشأ الفرق بين القصيدة وبين الأنشودة وهذه الفروق تتضح لدى القاريء إذا تعرَّف على الأمور التالية :

أولاً- القصيدة العربية التقليدية تمتاز بخصائص معينة وهي:

ـ 1- وحدة الموضوع ... قد تبدا القصيدة بالغزل أو البكاء على الأطلال أو الفخر ثم تتجه إلى المعنى المقصود كما في قصيدة كعب بن زهير ( المسماة بالبردة) التي كانت في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم ولكنها بدأت هكذا:


بانت سعاد فقلبي اليوم متبــول .......... متــيَّمٌ إثــرها لم يُجزَ مكــبول

وماسعاد غداة البين إذ عرضت .......... إلاأغنُّ غضيض الطرف مكحول

وفيها يقول :


إنَّ الرسول لسيفٌ يستضـاء به ......... وصارمٌ من سيوف الله مسلول


ـ 2 - والتقيد بقافية معينة تسير عليها القصيدة كلها - ونقصد القصيدة التقليدية طبعا-

وهكذا كانت قصائد العرب ويجوز تغيير القافية كل عدة أبيات كما في قصائد الشعراء المتأخرين أو في الموشحات وغيرها.

ـ3 ـ التقيد ببحر واحد من بحور الشعر أو بعدد معين من التفعيلات فإذا بدأت القصيدة ببيت من بحر الطويل مثلا فتأتي

بقية أبياتها على نفس الوزن، ومن أمثلة القصائد الطويلة المعلقات السبع وغيرها .

4- ـ بحور الشعر المختارة في القصائد تكون عادة البحور المتعددة التفعيلات مثل البحر الطويل والبحر المديد والوافر والكامل

ـ 5 -اختيار الألفاظ المناسبة للموضوع .وبعض قصائد الشعر الجاهلي كانت الفاظها صعبة أو غير مألوفة مثل قصائد امريء القيس وغيره

هذه أهم الخصائص المميزة للقصيدة وقد تكون هناك خصائص أخرى أقل أهمية

ثانيا ٍ:بالنسبة للأنشودة فإنها تشبه القصيدة من ناحية الوزن والموسيقى والقافية ولكنها تختلف عنها في أنها تكون أصلا معدة للغناء أو للترنم بها ولذلك فإنها تتميز ببساطة الألفاظ وعدم تعقيدها ، وبخفة الوزن بمعنى اختيار أوزان سريعة لها .وغالبا ماتنظم على بحر شعري سريع مثل الهزج أو الرمل أو بحر المتدارك أو البحر السريع ،أو الرجز الذي يسمى حمار الشعر لسهولته وقربه من النثر وتنظم عليه الأشعار التعليمية أو الأناشيد المدرسية كما أنها تكون سهلة الروي فلا تنتهي أبياتها بقافية صعبة بل تعتمد على السهولة والبساطة .

وإذا نظمت الأنشودة على بحر طويل فإنها تعتمد على مشطورات البحور ومجزوءاتها.

كما أنها لاتتقيد بوحدة الموضوع ،ومن مميزاتها اللغويةأنها قابلة للحن وليست ملزمة بالدوران في فلك معين من المواضيع مثل الفخر أو المديح أو الهجاء بل هي غالبا تتعلق بتمجيد شيء ما مثل الوطن أو الترغيب في عمل ما أو عادة طيبة كما في أناشيد الأطفال التي تدعو إلى حب المدرسة أو إلى التمسك بعادة الصدق ...وقد تكون الأنشودة على شكل حكاية بسيطة لها مغزى أخلاقي مثل قصائد أحمد شوقي عن الأم والجدة والمدرسة وهي تلك التي يقول فيها:

أنا المدرسة اجعلني ...... كأمٍ لاتمــل عنـــي

ولاتفزع كمأخـــوذٍ ........ من البيت إلى السجن


أو القصيدة الأخرى التي تحث على الرفق بالحيوان ومنها:

الحيــوان خلـــقُ ........ لـــه عليــك حــقُّ

سخَّــره الله لـــكا ....... وللعبــــاد قبلكــــا

وهكذا ....

وقد تستعمل الأنشودة لدى العمال وقت انجاز عمل ثقيل لخلق جو من المرح ....كما تستخدم في حداء الإبل ....وهذه يكون موضوعها السفر والتشوق للوصول إلى الأهل

ومن الأناشيد الشهيرة تلك الأنشودة الجميلة التي استقبل بها صغار المدينة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مدينتهم حيث وقفوا لاستقباله وهم ينشدون النشيد الي مطلعه :

طلع البدر علينا ......... من ثنيات الوداع


وجب الشكر علينا ....... مادعــا لله داع


وهناك قصيدة جميلة للشاعر غازي القصيبي تدخل في باب الأنشودة يتحدث فيها على لسان أبناء المدارس الصغل فيقول :

في كل يوم مدرسة ......... ياللحياة التعســــة

حقائب ثقيـــلةْ ......... وكتـبٌ مكدســـــــة

وامتحان مرعـبُ ......... يهرسنا كالمهــرســة

وإن ضحكــنا مــرة ......... تنــهرنا المـدرِّســـة

وتستحيل بعدهــا .......... قاسيــة ...وشرســة



إلى آخر القصيدة التي تصف تعاسة الصغار في مدارسهم ، وقسوة المعلمين والمعلمات، وثقل المواد وكثرتها.

الأربعاء، 22 أبريل 2009

سردنة الهوية ومقاربة أخرى

محاضرةالعباس عن الهوية ( وسردنتها ) في الرواية المحلية تلك التي ألقاها في النادي الأدبي بالدمام مساء الثلاثاء الماضي في النادي الأدبي تستحق أن نضعها تحت المجهر لنتأملها بشكل فاحص لأنهاتتطرق إلى فكرة جديدة حول الهوية التي تمارس سطوتها على كتابات الروائيين المحليين بشكل لاواع رغم عدم وضوح هذه الهوية لدى الكاتب أوتموضعها في ذهنه كمعطى ثابت مستقر يحمل قدسيةخاصة تجعل الروائي عاجزاعن مقاومة سطوتها ، مما يعطل حركةالسرد لديه ويحد من حريته في معالجة الأمور بوضوح ، ولأنها ايضا تحمل بطياتها نقدا مبطنا للروائي المحلي الذي لم يستطع بعد تجاوز القيود المفروضة عليه ، واختراق مايعتبره ـ أو ماهو موجود فعلا ـ هويةعامة مسيطرة ،مما يجعل من كتابة الرواية ودور الروائي فيها كفاعل في عملية الإضافة الإجتماعية المؤثرة المطلوبة أمر عسير المطلب. رغم أن هناك بين كتابنا من حاول فعل ذلك ولكن بشكل غير ناضج. ربما لأن الصورة العامة للأسباب والعوامل التي يجد الفرد الكاتب نفسه مضطرا لمواجهتها والتعامل معها سرديا لاتزال غائمة وغير واضحة في عيني الكاتب ، لنقص الخبرة أولا وبسبب التسرع في عملية الكتابة الرواية حيث تكون الكتابة مجردإشباع لدوافع داخلية ملحة . العباس وصف كتابة الرواية من قبل البعض كنزق أويأتي فقط ( كخضوع لضراوة الحدث،عبر اختلاق الحاضر كهوية مفتوحة وقابلة للتمدد،) حسب تعبيره.
في الحقيقة فإن أهمية الرواية تنبع من كونها ترصد حياة المجتمعات المختلفة ، وتوضح معاناةالذات ( الساردة ) تجاه ما تراه مناهضا لفكر أو مشاعر أو طموحات خاصة ، ومن خلال هذا الإنشغال بالتصارع مع قوى المجتمع المختلفةالتي يراها الكاتب كسدود تحاول اكتساحه تتشكل جماليات الرواية كصورة حية ومتحركة لحالة المجتمع ومايعتوره من تناقضات ومتغيرات فكرية واجتماعية واقتصادية نراها نحن ونشعر بها من خلال ذات الكاتب ونظرته الخاصة . والرواية كفضاءً حرا هي أكثر أنواع السرد مناسبة لتفريغ مشاعر (السارد ) الشخصية تجاه القوى الكبرى التي يراها قوى ضاغطة عليه ، وعلى المجموعة التي ينتسب إليها ويلوذ بها كهوية مصغرة تتصادم مع هويات أكبر وأقوى . وهذه الهوية كما يقول العباس قد تكون حقيقية أومجرد شعورعام يضفى على نفسه صبغة الهوية. وقد لاتكون سوى وهما أواختلاقا في ذهن الروائي يحاصره ويضغط عليه ويكون سببا في تحكمه في العمل السردي ربما دون وعي منه .
وكأمثلة على هذه الفكرة ، اختار العباس بعض الروايات المحلية لترسيخ فكرة الهوية المقصودة وتحديد أنواعها المسيطرة على الإنتاج الروائي المحلي ، وهي في نظره تتمحور في السرد المحلي كشعورا ذاتي، أو بشكل هوية خادعة يخضع لها الفرد باختياره لطابعها الرومانسي الذي يجعل الحياة أكثر قيمة وربما جمالا حيث الفرد الضعيف يتصارع مع هويات مهيمنة قادرة على فرض سيطرتها عليه وعليه هو السارد أن يفضح هذه الهويات المسيطرة ويعلن عن رفضه لها وعدم اعترافه بها.
فالهوية عند تركي الحمد ذات مرجعية سياسية تملي عليه اعتماد الشكل التاريخي كتوسيع للسرد مع التركيز على الشأن الشخصي باعتباره سياسي مباشر ، أما عند الشويخات في (نبع الرمان ) فالهوية تتجمد في اللحظةالعاطفية وتتكثف سايكلوجيا في إشارة إلى هوية اجتماعية طاغية تقاوم مشاعر الفرد المسحوق وتحارب رغباته وعواطفه، لتتحول محاولات السارد إلى إثبات وجود ومطالبة بحرية فردية كحق إنساني مشروع .
اختلاق الهوية أيضا قد تتمثل بانتزاع هوية الآخرين كعفة مزعومة كما نعتها العباس وهي تلك التي تتمظهر في رواية(الإرهابي 20 )لعبدالله ثابت.
الهوية ذات الصبغةالإقليمية في رواية ( فيضة الرعد ) لعبد الحفيظ الشمري تتحكم وتهيمن لتصبح الكتابة محاولة انتقامية لاواعية من هيمنة هوية مركزية مسيطرة بتجاهل أو تغييب هذه الهوية العامة وبالتالي الإبتعاد عن الشعور بهوية واحدة مشتركة ينادي بها البعض، واختيارعنصرية إقليمية كرفض للهوية المركزية المسيطرة .
ثم هناك الهويةالعرقية الصغيرة وهي ذات الإرتباط بأعراق منسية أومهملة في مجتمع ما، وهي عامة الوجود في كل المجتمعات ذات الأعراق العديدة .هذه الهوية يستنطقها محمود تراوري في روايته ( ميمونة ) من خلال سرد تاريخ هذه الجماعة بقصد رسم الإحساس بالإضطهاد الذي يشعر بها أفرادها كونها ذائببين في مجتمع آخر أخضعوا للعيش فيه ، بعد أن سلبت منهم هويتهم الأولى وفقدوا تراثهم ولغتهم الأصلية ،ووجدوا أنفسهم في مجتمع يقلل من قيمتهم ولايتمتعون فيه بأي امتيازات من جميع النواحي .
رواية الدميني الوحيدة (الغيمة الرصاصية ) توضحت هويتها في مكان متخيل لهوية مشتركة يتعايش الجميع من خلالها حيث الماضي يتم تشييده سرديا لتخليق حاضرٍ يعيش الجميع فيه بسلام من خلال هوية موحدة السحنة ،لاتتصارع فيه القوى والهويات المختلفة .
عواض العصيمي الذي وصف العباس أسلوبه بالخشونة تطرح الصحراء نفسها كهويَّة في مجمل رواياته والذي يبدو كحرص من الراوي على حماية الذات الصحراوية من النسيان والتجاهل، أي (مهمة حفظ الكينونة المتوّلدة من رحم الصحراء) بتعبير العباس والمكان (الصحراء) يفرض هويته هناعلى السارد بحيث يتحول السرد في معظمه إلى تمجيد لهذا المكان( الهوية( وتوصيف لقيمته وجمالياته وطقوس العيش بداخله ..
رواية أخرى هي الحزام تحمل هوية مكانية محلية واضحة المعالم ، هي هوية القريةالجنوبية ،التي يستعيدها الروائي ويشكِّلهابلغة شاعرية مضمخة بحنين قوي حيث أنها هوية مفقودة يشتاق إليها ويؤرخ لهاعن طريق السرد الروائي ـ ولو بلغةأجنبية ـ وكأنه يريد بذلك أن يجعلها تقاوم سطوة المدينة الكاسحة ، خاصة وهو يعيش في مجتمع غريب مغايرتماما لجو قريته الصغيرة المجهولة التي تقبع في ركن قصي من بلده.
وفي روايات رجاء عالم تتحدد هوية مكانية أخرى هي ( مكة ) بفلكلورها، ومخزون ذاكرة الأمهات والجدات لأحداث تاريخية عجائبية مع ماتحفل به ( مكة )عند أبنائهامن طقوس خاصة ومعتقدات شعبية وهو ما يجعل من هذه المدينة مستودعا مليئا بالأسرار والألغاز إلى جانب قدسيتها الدينية. .
أما رواية ( القران المقدس ) - وهي رواية مبتذلة بجميع المقاييس - فقد تجلت فيها (الهوية المركبة ) ) كموروث ثقافي تاريخي لطائفة بأكملها) يميل السرد فيها وإن بلغة ركيكة وأسلوب جاف ومبتذل إلى محاولة تعرية هذه الهوية الضاغطة والمسيطرة وبطريقة مباشرة وتدميرية حادة، بالإضافة إلى ) الهوية النسوية) تلك التي تهيمن على كتابات المنتسبات إليها في تنديد محموم تجاه ( الهيمنة الذكورية ) التي تسود المجتمعات العربية كلها كمجتمعات تقلل من شأن المرأة وتتعامل معها بدونية . ومن منطلق نسائي أجدأن لبعضهن الحق في رفع أصواتهن تجاه هذه الهيمنة المتسلطة ، والملاحظ أن معظم الكاتبات العربيات تبدأ محاولاتهن في الكتابة بالصراخ والتشكي من قهرواستبداد المجتمع الذكوري باعتباره قوة ظالمة .بعضهن تلازمهن عقدة الإضطهاد فلايتوقفن عن الندب والعويل والنحيب مهما تعددت وتنوعت كتاباتهن .
هذه هي أهم الهويات التي رسمها لنا العباس بوعي الناقد المحترف ... فهل هناك هويات أخرى يمكن تناولها في الرواية محلية أو غير محلية .؟..
نعم فكون الرواية فضاء متسع حر يسمح بجميع أنواع الإحتمالات الممكنة وغير الممكنة يصبح من السهل اكتشاف هويات أخرى حقيقية أومتوهمة ، صريحة واضحة أو متوارية تحت ستار هويات أخرى . والروائي المحترف يتعامل بحذق مع هذه الهويات المختلفة وخاصة في مجتمعات تتكوِّن فيها الهويات المتعددة في مجتمعات تغلب عليها حالة الإنقلابات السياسية أوالإجتماعية بحيث تنشأ هويات متعددة الأشكال والسمات سواء أكانت حزبية أوثورية أوفكرية جامحة ، فيتم تحويل الصراعات الناتجة عن ذلك إلى أعمال روائية متميزةوالأمثلة كثيرة في الأدب العالمي
يبقى أن المحاضرة كانت بحق محرضة للتفكير ، وتستحق التأمل والنقاش الجاد للخروج منها بأفكار جديدة تثري الساحة الثقافية المحلية ، وقد تغري الروائيين الصاعدين بطرق جوانب جديدة لم تُطرق بعد في روايات سابقة ، وتسهل على القاريء الواعي فهم دوافع الروائي ومحرضاته للكتابة الروائية خاصة وأننا نعيش عهد ( بزوغ نجم الرواية السعودية) حيث تنهال الروايات المحلية على رفوف المكتبات ( الخارجية ) بأسماء حقيقية أو مستعارة على أغلفتها ، وتفيض برغبة مستعرة في البوح وهتك كل أستار المجتمع المقفل ، وبجرأة شديدة في إعلان في كل مالايستحب إعلانه،حيث القصد من الكتابة أساساهو تقبيح المجتمع وقذف أهله وعاداته وأعرافه ومقدساته بأشنع الأوصاف لكونه يحمل هوية شمولية مسيطرة
وبما أن معطيات الرواية وحريتها تسمح بالتعدد والتنوع والتغايرفإنها تتيح للروائي الإستفادة من صراع الاضداد ،ومغالبة القوى المحلية السائدة والمهيمنة من أجل إنتاج عمل روائي حقيقي ،وليس مجرد خطاب ثرثار أو شكوى ( عرض حال )، ولعل مرد هذه الظاهرة الأخيرة في السرد الروائي المحلي يعود إلى إنشغال السارد بمايمليه عليه خياله من وجود هوية عامة شاملة تقف بكامل جاهزيتها واستعداداتها لمحاربته شخصيا وبسط سيطرتها عليه، وعلى الجماعة التي يعد نفسه جزءا منها. وبالإنصياع إلى هذه الفكرة يفقد الروائي بوصلته، وبالتالي يفقد القدرة على التحرك بسلاسة ورؤية الجوانب الأخرى من المجتمع التي تحتاج إلى رصد واقعي بعيدا عن تسلط الوسواس القهري الذي يحوله بشكل ما إلى دون كيشوت عصري مهووس بمحاربة قوى غير مرئية .
وعلى كلٍ وبصرف النظر عن موضوع الهوية " وسردنتها " فإن وضعنا الروائي الحالي مأزوم جدا ممايستلزم من النقاد الكبار التحرك لتخليص روايتنا المحلية من الفخ الذي يطبق عليها ويشل من حركتها ، والتي تجعل الروائي المحلي يقف في مكانه ( محلك سر ) مهما أنتج ومهما طبع .

نشر المقال في جريدة الرياض

أرشيف المدونة الإلكترونية