ارتبطت الرواية في مراحلها المبكرة ارتباطاً عضوياً مباشراً بثقافة العصور الوسطى السرديّة مع وجود طابع جدلي استخدم لأغراض مفترضة كالغرض التربوي، أو الغرض التبريري لبعض التغييرات الاجتماعية، سواءً ضد الطبقات الإقطاعية المنقرضة، أو لتأييد الطبقة البرجوازيّة الصاعدة، ولم يكن غريباً أن يقطع الروائي عملية القصَّ، ليفسِّر أو يشرح .. أو يقدّم بعض التبريرات والإيضاحات لتصرّفات الشخوص .. وقد لا يتوانى عن إيضاح الغرض الكامن من وراء كتابته لهذا العمل، لكي يضمن فهم القارئ له بالصورة التي يفهمها هو.
وحين ولدت الرواية الحديثة على أنقاض الإقطاعيّة، خرجت عن هذا الإطار وجاءت لتعبِّر عن الصراعات الأيديولوجيّة للبرجوازيّة، فقد تبنّت في مقاصدها الثورة على الرومانسية القديمة، وعملت بشكل خاص على الخروج على الإرث الثقافي للقرون الوسطى، مع الاستفادة من موروث الثقافة الإقطاعيّة في المجال الروائي.
وهكذا ظهرت الرواية التي تعبِّر بشكل كبيرعن المجتمع البرجوازي، وعن ذلك يقول لوكاش: "الرواية هي الشكل الأدبي الأكثر دلالة على المجتمع البرجوازي".
وجاءت الإسهامات المتعددة على صعيد نظرية الرواية بفضل الروائيين أنفسهم، عبر إبداعاتهم، الروائية أو عبر تنظيرات قام بها عدد من المنظرين لهذا الشكل الفني الحديث، ولو أن هذه التنظيرات لم تكن سوى محاولات تجريبيّة، وقد اهتم ريتشاردسون وفيلدينغ بتأسيس نوع جديد من الكتابة بوضع مساهماتهما في مجال التنظير وتأسيس قواعد جديدة تشكل قطيعة مع الرومانسية القديمة، ولكنهما لم يستطيعا وضع وصفٍ محدد للنوع الأدبي الجديد.
ثمَّ ظهر الروائيون الفرنسيون الذين بدأوا بالكتابة منذ منتصف القرن التاسع عشر، وقد اتجهوا إلى نوع جديد من الكتابة سموه "الطبيعية" (Naturalisme) كمحاولة منهم لتعريف هذا المعنى تعريفاً يستند إلى أساس نظري .. وبالرغم من أنَّ فلوبير كان يُعد أحد أهم المعلِّمين في مدرسة الطبيعيين هذه، إلا أنه كان يرى نفسه كاتبا كلاسيكياً فرنسياً؛ لأنَّ النظرية الطبيعية تهمل الكثير مما كان يشكل أهمية رئيسية لديه كالتمسّك بالأسلوب والصناعة الواعية للعمل الأدبي الجميل.
أما موباسان فقد كتب تقريراً عن المدرسة الطبيعية في مقدمته الروائية ((بيراوجين)) كدليل على تمسّكه بها، كما أنَّ إميل زولا أشار في كتابه ((الرواية التجريبية)) إلى أن ما يكتبه الطبيعيون إنما هو "تصوير للبيئة يحدِّد ويكمِّل الإنسان".
وفي الواقع فإن النظرية الطبيعية لم تكتف فقط بتصوير الطبيعة أو التصوير الاجتماعي وإنما تجلَّت أيضا في تفجير العاطفة الموضوعية، مما جعل الرواية تحتوي على رؤية روائية واسعة وعنيفة.
الروائي الإيرلندي جورج مور أشهر من حمل لواء الدعوة لكل من التأثيرين الطبيعيين في انجلترا، كان هو الطبيعي الإنجليزي الوحيد وفقاً للمفهوم الفرنسي .. وقد تأثَّر بشكل خاص بكتابات إميل زولا .. وهو بدوره أثَّر على كتابات جيمس جويس فيما بعد.
ويمكن إجمال نظرية الطبيعيين للإنسان في عبارة لجورج مور تصدّرت روايته الثانية "(زوجة ممثل صامت) 1885 A Mummer’s Wife". وهي كالتالي "غيِّر الظروف المحيطة بالإنسان وستجد في غضون جيلين أو ثلاثة أن بناءه الجثماني وعادات حياته قد تغيّرت".
وقد ألَّف "أميل زولا" أحد أبرز الكتَّاب الطبيعيين رواية طويلة تسجِّل تاريخ أسرة فرنسية متعاقبة الشخصيات هي أسرة (روجون ماكار) في عشرين رواية طويلة، هذه الشخصية التي قام بابتكارها وقدم من خلالها جزءاً كبيراً من التاريخ الفرنسي خلال الإمبراطورية الثانية.
وانتهى فيها إلى ما كان قد وصل إليه علم الوراثة في عصره من نتائج .. وهذا راجع إلى إيمانه بوجوب الانتهاء إلى نتائج تؤيدها العلوم فيما وصلت إليه. ولا تزال رواياته تمثل نماذج حية لمختلف جوانب الحياة الفرنسية بين عامي 1860 و1890.
لقد كانت الطبيعية هي المعادل الأدبي للتأثيرية في الرسم، وكان زولا عندما يصف مشهداً في إحدى رواياته يفعل ذلك على نحو يشبه الطريقة التي كان ممكناً للرسام الشهير "مونيه" أن يرسمه بها .. وكان اهتمام الطبيعيين ينصب على البيئة ولم يهتموا كثيراً بالتحليل النفسي للشخصيات.
وحين ولدت الرواية الحديثة على أنقاض الإقطاعيّة، خرجت عن هذا الإطار وجاءت لتعبِّر عن الصراعات الأيديولوجيّة للبرجوازيّة، فقد تبنّت في مقاصدها الثورة على الرومانسية القديمة، وعملت بشكل خاص على الخروج على الإرث الثقافي للقرون الوسطى، مع الاستفادة من موروث الثقافة الإقطاعيّة في المجال الروائي.
وهكذا ظهرت الرواية التي تعبِّر بشكل كبيرعن المجتمع البرجوازي، وعن ذلك يقول لوكاش: "الرواية هي الشكل الأدبي الأكثر دلالة على المجتمع البرجوازي".
وجاءت الإسهامات المتعددة على صعيد نظرية الرواية بفضل الروائيين أنفسهم، عبر إبداعاتهم، الروائية أو عبر تنظيرات قام بها عدد من المنظرين لهذا الشكل الفني الحديث، ولو أن هذه التنظيرات لم تكن سوى محاولات تجريبيّة، وقد اهتم ريتشاردسون وفيلدينغ بتأسيس نوع جديد من الكتابة بوضع مساهماتهما في مجال التنظير وتأسيس قواعد جديدة تشكل قطيعة مع الرومانسية القديمة، ولكنهما لم يستطيعا وضع وصفٍ محدد للنوع الأدبي الجديد.
ثمَّ ظهر الروائيون الفرنسيون الذين بدأوا بالكتابة منذ منتصف القرن التاسع عشر، وقد اتجهوا إلى نوع جديد من الكتابة سموه "الطبيعية" (Naturalisme) كمحاولة منهم لتعريف هذا المعنى تعريفاً يستند إلى أساس نظري .. وبالرغم من أنَّ فلوبير كان يُعد أحد أهم المعلِّمين في مدرسة الطبيعيين هذه، إلا أنه كان يرى نفسه كاتبا كلاسيكياً فرنسياً؛ لأنَّ النظرية الطبيعية تهمل الكثير مما كان يشكل أهمية رئيسية لديه كالتمسّك بالأسلوب والصناعة الواعية للعمل الأدبي الجميل.
أما موباسان فقد كتب تقريراً عن المدرسة الطبيعية في مقدمته الروائية ((بيراوجين)) كدليل على تمسّكه بها، كما أنَّ إميل زولا أشار في كتابه ((الرواية التجريبية)) إلى أن ما يكتبه الطبيعيون إنما هو "تصوير للبيئة يحدِّد ويكمِّل الإنسان".
وفي الواقع فإن النظرية الطبيعية لم تكتف فقط بتصوير الطبيعة أو التصوير الاجتماعي وإنما تجلَّت أيضا في تفجير العاطفة الموضوعية، مما جعل الرواية تحتوي على رؤية روائية واسعة وعنيفة.
الروائي الإيرلندي جورج مور أشهر من حمل لواء الدعوة لكل من التأثيرين الطبيعيين في انجلترا، كان هو الطبيعي الإنجليزي الوحيد وفقاً للمفهوم الفرنسي .. وقد تأثَّر بشكل خاص بكتابات إميل زولا .. وهو بدوره أثَّر على كتابات جيمس جويس فيما بعد.
ويمكن إجمال نظرية الطبيعيين للإنسان في عبارة لجورج مور تصدّرت روايته الثانية "(زوجة ممثل صامت) 1885 A Mummer’s Wife". وهي كالتالي "غيِّر الظروف المحيطة بالإنسان وستجد في غضون جيلين أو ثلاثة أن بناءه الجثماني وعادات حياته قد تغيّرت".
وقد ألَّف "أميل زولا" أحد أبرز الكتَّاب الطبيعيين رواية طويلة تسجِّل تاريخ أسرة فرنسية متعاقبة الشخصيات هي أسرة (روجون ماكار) في عشرين رواية طويلة، هذه الشخصية التي قام بابتكارها وقدم من خلالها جزءاً كبيراً من التاريخ الفرنسي خلال الإمبراطورية الثانية.
وانتهى فيها إلى ما كان قد وصل إليه علم الوراثة في عصره من نتائج .. وهذا راجع إلى إيمانه بوجوب الانتهاء إلى نتائج تؤيدها العلوم فيما وصلت إليه. ولا تزال رواياته تمثل نماذج حية لمختلف جوانب الحياة الفرنسية بين عامي 1860 و1890.
لقد كانت الطبيعية هي المعادل الأدبي للتأثيرية في الرسم، وكان زولا عندما يصف مشهداً في إحدى رواياته يفعل ذلك على نحو يشبه الطريقة التي كان ممكناً للرسام الشهير "مونيه" أن يرسمه بها .. وكان اهتمام الطبيعيين ينصب على البيئة ولم يهتموا كثيراً بالتحليل النفسي للشخصيات.